سجل المدرب الشاب "غوارديولا " نفسه كأفضل مدرب في الموسم 2008/2009 م عندما قاد فريقه برشلونة الاسباني لتحقيق الثلاثية التاريخية , بطولة الدوري وكاس ملك اسبانيا وأخيرا دوري أبطال أوروبا . "غوارديولا" الذي كان يخوض موسمه التدريبي الأول وهو ابن الثامنة والثلاثين تفوق على نفسه اولا , ثم سجل تفوقا ملحوظا على مدربين كبار سبقوه في هذا المجال , بل ان لدى بعضهم سجلا تدريبيا ربما يفوق عمر "غوارديولا" نفسه . ومن كان يتوقع ان يكون "غوارديولا " الذي حل مكان المدرب الهولندي "ريكارد" ان يسجل هذا النجاح , بل ان البعض راهن على سقوطه سريعا وحمل إدارة الفريق الكاتالوني مسئولية هذا السقوط قبل ان يبدأ , وكانت الخسارة الأولى في أولى مباريات الدوري أمام المتواضع " نومانسيا " تأكيدا على فشل غوارديولا المبكر . لكن أحدا لم يكن ليتوقع ان تكون هذه الخسارة هي نقطة الانطلاق الذي حطم بعدها لاعبو البرشا كل الأرقام القياسية ودكوا شباك الخصوم بأهداف اشكال الوان وتخطوا بنهاية الموسم المائة هدف , نجاح برشلونة في هذا الموسم يعود بالدرجة للمدرب غوارديولا الشاب الصغير والقليل الخبرة كما يوصف , وان كان البعض يجير هذا النجاح لمجموعة النجوم الموجودة في الفريق كالارجنتيني "ميسي" والكاميروني " ايتو " والفرنسيان "هنري" و"ابيدال" وبقة النجوم الاسبان كالقائد "بيول" و"نييستا" و"زافي" و" بويان" والبقية , ومن الصعب إنكار دور هؤلاء النجوم لكن بدون مدرب يعرف كيف يوظفهم لن ينجحوا والامثلة على ذلك كثيرة وتجربة المدرب الهولندي "ريكارد" في الموسم الماضي لازالت حاضرة في الأذهان , فرغم وجود رونالدينيو وديكو وايتو وميسي وبقية اللاعبين لم ينجح الفريق في تحقيق أي بطولة الموسم الماضي . وربما كان نهائي دوري بطال اوروبا على استاد الاولمبيكو في العاصمة الايطالية روما المحك الحقيقي والذي انصف الشاب غوارديولا في موسمه الاول والاستثنائي عندما تفوق مع لاعبيه على السير المحنك والخبير فيرجسون وبقية كتيبة الشياطين الحمر في مانشستر يونايتد الانجليزي . حيث نجح غوارديولا في موسمه الاول في هذا الامتحان واثبت انه المدرب الافضل في العالم وتفوق على فيرجسون الذي يكبره بأكثر من خمسة وثلاثين عاما , بل ان فيرجسون قد أمضى مع مانشستر خمسة وعشرون عاما كمدربا ! لقد أعطى غوارديولا درسا ليس للأسبان فقط او للأوروبيين بل للعالم اجمع بأن الخبرة والحنكة ليست حكرا على المدربين الذين امضوا سنوات طوال في عالم التدريب , وعكس نظرية المدرب القدير المرتبطة بالمدربين كبار السن وممن خاضوا تجربة طويلة في هذا المجال , بل ان أي لاعب يملك الفكر والمقدرة والشخصية القيادية بامكانه ان يتفوق وينجح في مهمته الجديدة . وليس غوارديولا وحده من حقق النجاح من المدربين صغار السن وقليلي الخبرة , فهنالك في فرنسا نجح اللاعب لوران بلان قائد المنتخب الفرنسي في مونديال 1998 و2002 وصاحب القبلة الشهيرة على "صلعة" الحارس "فابيان بارتيز" قبل كل مباراة , نجح وهو يخوض موسمه التدريبي مع فريق بوردو في انتزاع لقب الدوري وكسر احتكار ليون الذي امتد لسبع سنوات , ولم يكن احد ليصدق ان بلان المعتزل التدريب منذ سنوات قليلة سيحقق هذا النجاح ويتفوق على مدارس تدريبية كبيرة ويعيد فريق بوردو الى منصات التتويج وهو الغائب عنها منذ سنوات طويلة , وكان ذلك على حساب مدربين كبار كغريتس مدرب مرسيليا او جيرار هولييه مدرب ليون وغيرهم . هذا النجاح الكبير للمدربين الصغار سنا والقليلين خبرة هو ما جعل بعض إدارات ومسئولي الاندية في اوروبا يفكرون في تكرار تجربة برشلونة وبوردو , فشاهدنا الميلان الايطالي ينهي مشواره مع المدرب "انشيلوتي" الذي أمضى أكثر من ست سنوات معهم ويسندان المهمة الى لاعب الوسط البرازيلي " ليوناردو" احد نجوم الفريق في نهاية التسعينات . وبالمناسبة فهو جديد على عالم التدريب وكان يشغل منصبا إداريا في الفريق منذ اعتزاله قبل عدة سنوات , وهي خطوة جريئة من قياديي الميلان "بيرلسكوني" و"غالياني" الذين رأيا في تجربة البرشا وغوارديولا تجربة مثيرة وارادا تكرارها مع الروسينيري الايطالي . هنا في الخليج العربي لا زلنا نتذكر النجاح الذي حققه المدرب الروماني "اولاريو كوزمين" مع فريق الهلال في موسمين قضاها في الملاعب السعودية وهو في سن الثامنة والثلاثين حيث حقق لقب الدوري السعودي الموسم الماضي وفاز بكاس ولي العهد هذا الموسم , قبل ان ينتقل للسد القطري . التوجه للاعبين المعتزلين حديثا لتولي مسئولية التدريب ربما أصبحت خطوة شائعة , وغير مستغربة , وان كانت ليست وليدة هذا الموسم , فهناك تجارب كثيرة حدثت في الفترات الماضية , كتب لبعضها النجاح وللاخر منها الفشل نذكر منها تجربة " كلينسمان " مع منتخب المانيا في مونديال 2006 وفيه حقق المركز الثالث , لكنه عاد ليفشل مع فريق بارين ميونخ وتم الاستغناء عنه . ايضا الهولندي "فان باستن" خاض تجربتين غير ناجحتين مع منتخب بلاده ثم مع فريق اياكس الهولندي , وحاليا هاهو قائد المنتخب البرازيلي في مونديال 1994 "دونغا" يتولى تدريب منتخب السامبا , ولا زالت الاعين تراقب ماذا سيقدم هذا اللاعب الكبير بعطائه في الملاعب القليل الخبرة كمدرب ماذا سيقدم مع منتخب البرازيل في الوظيفة الاصعب على الاطلاق في العالم ؟ .