في الثمانينات زرت المانيا عابراً. سكنت في فندق فاخر ( على حساب الخطوط الناقلة وليس على حسابي). جلست بالصدفة مع رجل ماليزي في نفس الزاوية في بهو الفندق. لا أتذكر من بدأ الحوار. بالصدفة أو بترتيب وتخطيط منه. بدا رجلا عالميا بكل ما في الكلمة من معنى. سهل المعشر وقريباً من كل الاجناس ويسهل عليه عقد صداقات ويتكلم أكثر من لغة. توثقت عرى المعرفة بيننا. قمنا معا بعدة جولات في مدينة فرانكفورت. في احدى الجلسات اخبرني بطريقة عفوية او هكذا بدت في اول الأمر أنه يمثل اكبر نادي قمار في ماليزيا. ثم قال إن وجوده في فرانكفورت لطلب قرض لتأسيس فرع جديد. وقال إنه يعمل مديرا لصالة قمار في فندق شهير ذكر اسمه, وأحيانا يضطر أن يعمل كموزع (ديلر) إذا غاب احد العاملين أو كان الضيوف من كبار الشخصيات العالمية. أكد أن بين الضيوف العالميين سعوديين وسرد أسماء. حدثني عن المكاسب الكبيرة التي يحققها الفندق وبعض لاعبي القمار والطريقة السرية التي تمكن المرء من الكسب. ممكن تعلمني؟ هكذا قلت وكان هذا ما ينتظره. فقال لا استطيع أن اشرح لك بشكل نظري. علي أن احضر الفيش أو تعال معي للغرفة لكي لا يرانا احد. لا استطيع أن افرد الفيش واللوحة في البهو. سيظن الجميع أننا نلعب قماراً، والقوانين الألمانية تحظر لعب القمار غير المرخص. بصراحة داعبني الطمع. دخلنا غرفة سويت فاخرة تكاد تكون شقة. تحتوى على طاولة طعام وأربعة كراسي. طلب مني أن اجلس على الطاولة ثم أحضر شنطة مليئة بالفيش وورق اللعب وغيرها من أدوات القمار. امضى اكثر من ساعة في الشرح وانا أطرح الأسئلة. لاحظت أنه لا يقدم الشرح لإشباع فضولي ولكن كتلميذ. يعيد ويكرر ثم يسأل ليتأكد من درجة استيعابي. قال لي في نهاية الدرس وهو يضحك: انت تلميذ بارع لماذا لا تزورنا في ماليزيا وتحقق مئات الألوف من الدولارات في أسابيع بسيطة مع قضاء أوقات ممتعة في أفخم الفنادق. المطلوب منك أن تثبت أنك سعودي فقط. العميل (المرتب) يجب أن يكون من دولة غنية أو من دولة يشتهر أهلها بحب القمار (الصين) وأن يكون زائرا وليس مقيماً. تبين لي أن عصابات القمار (دعني اسميهم شركات) يتعرفون على العميل المرتب من خارج ماليزيا ويتفقون معه على كل شيء. يحولون مبلغ باسمه من دولة اجنبية إلى رصيده في بنك ماليزي. لا تكون المنازلة في الصالات الرسمية وبالتالي لا تكون المنافسة بين الزبون وبين صالة القمار ولكن بين الزبائن أنفسهم. لن يرتاب الزبائن المغفلون في الزبون المرتب لأنهم يلعبون مع اجنبي مثلهم. كل ليلة ستلعب مع ثلاثة أربعة زبائن جدد. هكذا تقتضي الخطة كما قال. حسب رأيه سنكسب نصف مليون دولار في شهر ونقتسمها وترحل ولا تعود لماليزيا إلا بعد عدة أشهر. في الليلة التالية اتصل بي من فندق فاخر آخر وطلب مني ان احضر إذا أحببت. تذكرت أنه قال لي انه سوف يلتقي بعدد من المسؤولين الماليزيين الفاسدين وسوف يعمل ديلر لهم. انتابني بعض الخوف. لكن تآخي الفضول مع النفس الأمارة بالسوء هزما الخوف. في صالة الفندق الآخر شاهدت صاحبي مع أربعة رجال منتفخين. ثلاثة في منتصف العمر والرابع مسن. طافت عيني في ارجاء الفندق. لم أشاهد أحدا يشبهني أو قريباً من ملامحي او وجهاً آنس إليه فخفت. استأذنت بطريقة سريعة وتركتهم. بعد يومين تركت ألمانيا. خلال تينك اليومين لم يتصل بي ولم اتصل به ولم اشاهده ابدا في صالة الفندق. في عام 2001 زرت ماليزيا. من باب الفضول دخلت نوادي القمار الشهيرة. شاهدت كثيرا يشبهونه و لم اشاهده بينهم ولا اعلم ما الذي يحل بالشباب الذين تغريهم صفقات كهذه.