تعتبر الكناية من السمات البلاغية الظاهرة في الشعر النبطي وفي الأمثال الشعبية ومعنى الكناية في اصطلاح أهل البلاغة : ترك التصريح بذكر الشيء إلى ذكر لازمه المساوي لينتقل الذهن منه إلى الملزوم المطوي ذكره، أو هو أن تتكلم بشيء وتريد غيره، ولذا تسمى الكنية كنية كأنها تورية عن اسمه. وتقع على ثلاثة أضرب : الأول: التعمية والتغطية ، والثاني: الرغبة عن اللفظ الفاحش إلى ما يدل على معناه، والثالث: التفخيم والتعظيم . والكناية من سنن كلام العرب التي تتجلى في القرآن الكريم والسنة المطهرة وفي أشعار العرب وأخبارهم في الجاهلية والإسلام ، وقد عنى بها علماء اللغة فألفوا فيهاً كالثعالبي (الكناية والتعريض) والجرجاني (المنتخب من كنايات الأدباء وإشارات البلغاء) ثم سار على نهجهم بعض المهتمين بالآداب العامية فألف المصري أحمد تيمور( الكنايات العامية) وألف العراقي عبود الشالجي (الكنايات العامية البغدادية) وقد عقد أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري في الجزء الخامس من كتابه (ديوان الشعر العامي بلهجة أهل نجد) باباً عن (الكناية والمبالغة في الأدب العامي) حتى جاء سلطان السهلي وأفرد كتاباً خاصاً أسماه (من الكنايات العامية في الجزيرة العربية) جمع فيه ألفاً من الكنايات في أشعار وأمثال وكلام العامة ورتبها على حروف المعجم وضبط مبانيها وشرح معانيها وبينها بالشواهد وزينها بالفوائد ليسهل الوصول إليها والاستفادة منها. ومن الكنايات التي ذكرها السهلي قولهم: (هداج تيما) كناية عن الكريم صاحب الجود المتصل والعطاء المدرار كما قال ابن ربيعة: لي قيل من هو؟ قلت (هداج تيما) عدٍّ قراح الملتجي للدواهيم ومنها قولهم (فلان ميّت نار) كناية عن الرجل النذل الذي لا قيمة له ولا مروءة كما قال سويلم العلي: ماني ولد هدرٍ ردي العزومي يمسي ويصبح منخذل (ميّت النار) ومنها قولهم (مهلكات الرضيعي) كناية عن الفتيات الصغيرات السن الصغيرات الأثداء كما قال بصري الوضيحي: أردها لعيون صافي الثماني بيض النحور (مهلكات الرضيعي) ومنها قولهم:( يبرك مباريك الجمل وهو ناقة) كناية عن الذي يدعي العظمة والمروءة أوالقدرة والجدارة وهو ليس من أهلها كما قال خلف الأذن: الشين شين وماكر الشين شيني عدو جد ولا بقلبك صداقة فنجال طين ولا انت فنجال صيني (تبرك مباريك الجمل وأنت ناقة) ومنها قولهم:( عيرٍ تايه) كناية عن الغني الغبي وقد تطلق كناية عمن يتنكب طريق الحق معتمداً على قوته؛ قال سليمان بن علي الناصري: راعي الزود (عيرٍ تايه) ذبحه يا الملا أحسن له ومن الكنايات التي أوردها السهلي أيضاً قولهم:( كحل باكية) كناية عن الجهد الضائع أو الشيء المهدر، وقولهم ( وجهٍ مغسول بمرق) كناية عن عديم الحياء المتبجح الوقح، وقولهم:( ياكل قطوف المجدّر) كناية عن الطماع الدنئ النذل الذي لا يفرق بين الحلال والحرام، وقولهم: ( حيسي ديسي) كناية عن الشيء المختلط والأمر المتداخل غير الواضح، وقولهم: (رثع في القش) كناية عن الإفساد والإساءة. وأخيراً نجدهم يقولون:(عرس قطاوة) كناية عن الأمر المكشوف والفعل المفضوح فما أكثر أعراس (القطاوة) هذه الأيام.