الكريم كلمة جامعة لمكارم الأخلاق في لغتنا البليغة، وكذلك لفظة اللئيم فهي تطلق على البخيل وعلى الغادر ومنكر المعروف، كلمة جامعة أيضاً.. وفي مأثورنا الشعبي يقابل الكلمتين (الأجواد والأنذال) وهما فصيحتان، والأولى مشتقة من الجود بالمال والأقوال والأفعال.. جامعة والنذل أو الرديء. تجمع سيئ الأخلاق ولا عزاء للأنذال. والأصل في كلمة الكريم هو الجود بالمال، ثم تبعه الجود بكل ما هو طيب محبوب كالكلام اللين، والوجه البشوش، والموقف النبيل، أما اللؤم فأصله البخل بالمال ثم تبعه البخل بالوفاء والمروءة والشهامة والكلمة الطيبة. وقد ورد في الحديث الشريف: (السخي قريب إلى الله قريب إلى الجنة قريب إلى الناس، والبخيل بغيض من الله بغيض من الناس قريب من النار» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. وشيم العرب تكره البخل بشكل لا يطاق، وتكره اللؤم بشكل عام، وقد كثر التعبير عن هذا في القديم والحديث، بالفصحى والعامية. قال ابن الرومي: ليس الكريم الذي يعطي عطيته على الثناء وان أغلى به الثمنا بل الكريم الذي يعطي عطيته لغير شيء سوى استحسانه الحسنا وللبحتري: وما تخفى المكارم حيث كانت ولا أهل المكارم حيث كانوا وللأم دور كبير في كرم الأبناء أو لؤمهم يقول جرير: إن الكريمة ينصر الكرام ابنها وابن اللئيمة للئام نصور! والكريم أقرب إلى الإنسانية بمسافات شاسعة، قال شوقي: أرى الكريم بوجدان وعاطفة ولا أرى لبخيل القوم وجدانا ويقول المتنبي: وآنف من أخي لأبي وأمي إذا ما لم أجده من الكرام فاللئيم يكرهه حتى أقاربه.. لأنه عار.. ومؤذ.. وقد لامت زوجة الشاعر ابن أبي مرة المكي، لامته على شدة كرمه وقالت: لا تترك ولدك مملقين فقال: تقول اتئد لا يدعك الناس مملقاً وتزري بمن تسعى له وتعول فقلت ابت نفس علي كريمة وطارق ليل غير ذاك يقول الم تعلمي يا عمرك الله انني كريم على حين الكرام قليل واني لا أخزى إذا قيل مملق سخي وأخزى ان يقال بخيل ولم أر كالمعروف أما مذاقه فحلو واما وجهه فجميل وهي قصيدة طويلة بليغة.. ومن شعر محمد الأسمر حول الكرام واللئام: واجعل بطانتك فإنهم أدرى بوجه الصالحات وأخبر ان الكريم له الكرام بطانة طابت شمائلهم وطاب العنصر ان لاح خير قربوه ويسروا او لاح شر باعدوه وعسروا اما اللئيم فحوله امثاله قرناء سوء ليس فيهم خير ان لاح خير باعدوه وعسروا أو لاح شر قربوه ويسروا ولكل كون كائنات مثله فقبيله من جنسه والمعشر ومن شعرنا الشعبي في هذا الموضوع قول محمد المهادي: الاجواد وان قاربتهم ما تملهم والانذال وان قاربتها عفت مابها والاجواد وان قالوا حديث وفوا به والانذال منطوق الحكايا كذابها والاجواد مثل العد من ورده ارتوى والانذال لا تسقي ولا ينسقى بها والاجواد تجعل نيلها دون عرضها والانذال تجعل نيلها في رقابها والاجواد مثل البدر في ليلة الدجا والانذال غدرا تايه من سرى بها ولعل نفس ما للاجواد عندها وقار عسى ما تهتني في شبابها ولحميدان الشويعر: طالب الفضل من عند الشحاح مثل من اهدى زمان الصرام لقاح أو مثل طابخ الفاس يبغي مرق أو شاري تيوس يبيهن مناح اربع يرفعهن الفتى بالعيون الظفر والكرم والوفا والصلاح واربع ينزلن الفتى للهوان البخل والجبن والكذب والسفاح ولمشعان بن هذال يا بايع جوخ على غير اهاليه مثل الذي ينزل بقصر خرابه لو يدهجه وبل الثريا ويسقيه ويمطر بياقوت ومسك سحابه ما ينبت النوار لو سال واديه ملح وجفجاف هيار جنابه ولد الردي لو طاب لك لا تماشيه يومين والثالث يبين الردى به ولسرور الأطرش: الاجواد يحجون الضعيف بمالهم كما يزبن الظامي جناب قليب اذا تزبنهم عن اللال والظما يروح وصملانه تصب صبيب ترى الناس لو لا صار فيهم عنابر غدوا مثل ضان يرتعون بشعيب