لبنان وطن عربي أولاً وعلى صلة بالعالم الخارجي ثانياً وهذه خصوصية فيه بل لعله أحد الأوطان المتضررة من وهم التماهي المبالغ فيه بينه وبين الدول الغربية حسب الرائج. الممارسة والعائشة حياة الديمقراطية الغربية فواقع الأمر أن وجود الأشكال الديمقراطية في ممارسة السلطة لا يعني أنه أصبح يعيش النهضوية بمعاني الديمقراطية التي تعيشها دول كثيرة في عالم اليوم ولم نعرفها بعد في بلادنا. إذا كانت جهات خارجية أرادت أن تعطي هذه النجاحات لمواهب غير عربية فإنه تزوير للحقائق تعوّد عليه العرب ممن استهدفتهم الجهات الاجنبية وخصوصا منها من هو معروف بصلاته مع الصهيونية وحلفائها الدوليين.. ذلك أن أغلبية الشعوب العربية التي اضطرت لسبب أو آخر الى الهجرة ومنها الشعب اللبناني والسوري والفلسطيني جعلت من مهاجرها مصادر حيوية للاثراء والأعمال، فالمهاجرون الى الولاياتالمتحدة وغيرها جعلوا من دول المهاجر مصادر للعمل والثروات كثيراً ما فاقت التقديرات وكانت شواهد على كفاءات هائلة يملكها لبنانيون وسوريون وفلسطينيون وسواهم في أميركا الشمالية والجنوبية والوسطى وكلها نجاحات فائقة حققها المهاجرون ممن صودرت أراضيهم في فلسطين لمصلحة الصهيونية وحلفائها فعوضوا عنها بنجاحات وملكيات ضخمة، حققها اللبناني والسوري والفلسطيني والعراقي كتجار وصناعيين وموظفين أثبتوا أنهم منتجون من الدرجة الأولى، وقلائل جداً هم المسافرون الى الخارج الذين لم يحققوا نجاحات في التجارة والعمل على انواعه، ظواهر تشهد لهم ولأوطانهم الأصلية بقابليات واسعة في النجاح بمختلف أنواعه. كان يقال: إن المسلم لا يهاجر هذا غير صحيح كان يقال ان المهاجرين هم لبنانيون فقط، كحسنات بينهم أو سيئات والعربي الذي سافر الى أي بلد في الخارج يعطي فكرة ايجابية جداً عن مقدرة العربي على النجاح الاقتصادي وأحياناً الثقافي ليست متوافرة عند شعوب كثيرة، وما انجازات اللبناني الجنوبي حسن كامل الصباح إلا شواهد على كفاءات الانسان اللبناني والعربي عندما تتوافر له الفرص سواء في الوطن أو في المهاجر. وهنا لا بد من التذكر بالجهود التي بذلتها اسرائيل في تشويه صورة الانسان العربي وخصوصاً اللبناني والفلسطيني اللذين شكلا ولا يزالان يشكلان مزاحمين لها في اوروبا والأميركيتين الشمالية والجنوبية. حسن كامل الصباح شاهد على عبقرية لبنانية ربما ظلت مطموسة أو بقيت في المهاجر. وربما ظلت لفريق دون فريق في لبنان. المهاجر قربت الناس اللبنانيين بعضهم الى بعض فصاروا اخوة في المهاجر بعد أن كانوا طوائف في الوطن. في افريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية كان يقال إن المهاجر هي للمسيحيين وإذ بالوقائع تبرهن أن المهاجر الأشهر هو مسلم شيعي اسمه حسن كامل الصباح. هل هناك وطن اسمه لبنان؟ نعم انه وطن مسلم مسيحي افريقي أميركي جسده حسن كامل الصباح وأمثاله من الأفذاذ اصحاب الكفاءات. لبنانيون وسوريون وفلسطينيون تجسدت معهم كفاءات لم تبرهن عنها شعوب كثيرة وتفوق في تجسيدها أفذاذاً من أبناء هذا الجزء اللامع من ابناء الوطن العربي الكبير، ومنهم الفلسطينيون واللبنانيون والسوريون الذين تباروا جميعاً في اظهار كفاءات بلدانهم. فسواء في أوروبا أو الأميركيتين أو بلدان المنشأ العربي كانت البراهين واضحة على ألمعية الانسان العربي داخل وطنه الأم أو في أوروبا وأميركا. وقلب الحقائق غير محصور في مجال بعينه، وليس في ما يصدر عن اسرائيل في ما يتعلق بفلسطين الطبيعية والتاريخية إلا صورة من صور التلاعب بالحقائق التي دأبت عليها اسرائيل منذ أن وضعت مخططها الفاجر القائل: "فلسطين إما أن تكون لنا وللاستعمار الغربي أو تبقى أنشودة لأهلها العرب مدعي ملكيتها منذ أيام السيد المسيح. أما انها ظلت وطناً عربياً على مر الأزمنة حتى خرج منها آخر جندي بريطاني فهي دعوى لفقها العرب واقتنع بها البريطانيون أصدقاء الحكام العرب. ان الشك بيهودية فلسطين يعني التسليم للعرب بأن صلاح الدين الأيوبي وليس اليهود وحتى ليس الاستعمار البريطاني هو من كان صاحب الأرض بالاتفاق مع الانكليز والأميركان رافض ملكية العرب لفلسطين على حساب مالكيها الغربيين الموجودين فيها كحراس موقتين ذوي مصلحة مشتركة مع القادة العرب سواء في فلسطين نفسها أو في المنطقة. فجأة تصبح الصهيونية هكذا مؤتمنة دولياً على فلسطين اليهودية منذ ايام السيد المسيح، أما العرب ومنهم عرب فلسطين فهم اعداء لكل من هو غير عربي بدءاً باليهودية المتصهينة. لكن هذا المنطق وان قوبل من الغرب السياسي بالترحاب في وقت من الأوقات إلا أنه سرعان ما انتبه الى خطورة التسليم بالتماهي الكامل بين مصالح الغرب ومصالح الصهيونية فأميركا اليوم ليست أميركا اللاسياسية والساذجة، بل هي تدرك مخاطر التماهي الكامل بين ارض فلسطين ومصالح اليهودية والاستعمار الغربي. وهناك كثيرون في الولاياتالمتحدة يرون في سياسة الممالأة الدائمة للصهينة سياسة خطرة على مصالح الأميركيين والغربيين أنفسهم فليس كل العرب والمسلمين والمسيحيين الشرقيين على استعداد لنسيان كل اعتبار ما عدا مصالح اليهودية العالمية وإسرائيل فهو جنون سياسي لا يمكن أن يمارسه غربي عاقل أو غير غربي. ان من يتابع الكتابات السياسية الاميركية يرى ان كثيرين في الولاياتالمتحدة الأميركية اصبحوا واعين على ان المنطقة العربية الاسلامية والمسيحية الشرقية اهم من جشع الصهيونية المناهمة مع اليهودية المتصهينة. فالولاياتالمتحدة لا تستطيع أن تكون دولة كبرى وفي الوقت نفسه ذيل للصهيونية في معاداة العرب والمسلمين والمسيحيين الشرقيين. ومن هنا، كان اعتقاد البعض من اللبنانيين ان الولاياتالمتحدة الاميركية اصبحت عالمياً اهم من ان تنظر الى المنطقة العربية على انها ارض ليس فيها شيء مهم إلا وجود اسرائيل ومصالحها الداخلية والعالمية. وقد بدأ كثيرون من المثقفين العرب يظهرون التفاؤل بقدرة الولاياتالمتحدة الاميركية على عدم تلخيص الشرق الاوسط بأنه ذلك الجزء من العالم الذي تحكمه اسرائيل والصهيونية على حساب حقيقتين كبيرتين وإحداها اسمها عروبة فلسطين والثانية اسمها لا شيء جدياً في منطقة الشرق الاوسط إلا المشروع الصهيوني الاسرائيلي الطامع بالامتيازات غير المعقولة في تلك المنطقة المهمة. وإذا كانت جهات خارجية أرادت أن تعطي هذه النجاحات لمواهب غير عربية فإنه تزوير للحقائق تعوّد عليه العرب ممن استهدفتهم الجهات الاجنبية وخصوصا منها من هو معروف بصلاته مع الصهيونية وحلفائها الدوليين. ولكن ذلك كان مصطنعاً ومكشوفاً لم ينطل لا على العرب ولا على اي جهة سياسية او اقتصادية غير ضالعة مع الصهيونية وحلفائها من اهل الغرب او الشرق. ويعود الفضل في ذلك للحق العربي اولاً وللجشع المعروف عن اعداء العرب ولا سيما الصهاينة وأصدقائهم من أبناء الشعوب الأنغلو ساكسونية التي برهنت في مناسبات كثيرة على تمسكها بالصداقة مع الصهيونية وحلفائها.