نقرأ عن السعي الحثيث لإصدار عملة خليجية. ويصاحب هذا السعي سؤال عن أن المنطقة تضم أكبر اقتصاد في العالم العربي تقريبا وتوحيد العملة يظل مجال أخذ ورد. ولعلنا نرجع إلى تاريخ التعامل النقدي في جزيرة العرب لنرى أن الفكاك مما يُعرف بالعملة الصعبة أمر ليس بالسهل. وكانت أهم تلك العملات على الإطلاق التالر النمساوي، أو ما يعرف ب«دولار ماريا تريزا»، والمعروف محليا باسم «الريال الفرنسي»، وهو الاسم الذي أصبح مجازا اسما رسميا لهذا النقد في معظم أقاليم الجزيرة العربية، بل وبعض الأقطار العربية، بحسب ما أكدته مؤسسات النقد والصرافون. إلى جنب الريال الفرنسي تم تداول أنواع مختلفة من النقود العثمانية الذهبية والفضية والنحاسية. وإن كانت النقود الفضية والنحاسية ومثلها النقود «الكوبر نيكل» هي الأكثر انتشارا وسيادة في التداول بين الناس، ذلك لأن هذه العملات تمتاز عن غيرها بفئاتها المتعددة التي جعلت منها نقودا رائجة في المعاملات التجارية. كذلك اشتهر من تلك النقود ما عُرف بالريال المجيدي نسبة إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان، كذلك البارات - جمع بارة - وهي نقود من «الكوبر نيكل»، وتمثل في حقيقتها أجزاء للريال المجيدي. نعم لم يكن لنا اقتصاد البتة في ذلك الزمن المتقدم وكنا نحتاج سلسلة العملات تلك للتجارة مع الشام والهند. بل إن أسماء تلك العملات دخل ثقافتنا الشعرية مما يوحي بقدرها مثل : - ياشيخ أنا طالبك عشرة " مجيدي " مع مشلحٍ ياشيخ أنا مشلحي باد أو ذلك استعد أن يدفع جنيه ذهب لمن يعود إليه ب "زمام" محبوبته: وازمام خلّي طاح في جمّة البير. واجنيه ابو خيّا للي يجيبه. وهناك عملة ذهبية اسمها "جورج" وأظنها هي الجنيه ابو خيّال. وأظن أن قومنا احتاجوا إلى زمن لكي تصل قناعتهم إلى قيمة الريال السعودي الفضي، وقيل إن الناس احتفظوا بالريال الفرنسي (النمساوي ماريتيريز) لمدة طويلة. ووجد في بعض المنازل القديمة التي أُزيلت بعض من تلك العملات مصرورة أو في أوعية فخارية خشية أن يغرهم الريال الجديد (الفضي). وعندي أن هذا مثل ما يفعله بعض قومنا الآن عندما يفتحون حسابات بالدولار واليور، لعدم ثقتهم بالعملة الخليجية. العملة الصعبة فراقها صعب.