يقبل من بعيد يلون زرقة السماء بتدرج بين الابيض والرمادي ثم يحجب الشمس ومن بينه رموز الفرح والخوف ويحدث هيبة في المكان بصوت الرعد يسقط بخجل ثم ينهمر بقوة يغير وجه الارض ثم يتجمع ويسيل منحدرا يروي اشجار الشعاب والاودية وبعد رحيله الى مكان آخر ينتشر الفرح وتغرد الطيور وتتراقص حمائم الوادي إنه المطر عشق العربي منذ القدم له وقع خاص في نفسه كونه ساكن الصحراء الجافة يمثل له المطر الحياة لذا لم يستطع كبح جماح مشاعره عن التعبير بالفرح يقول الشاعر أمرئ القيس: فأضحى يسح الماء حول كنيفه يكب على الأذقان دوح الكنهبل ومع أول إشراقة للشمس بعد المطر ينتشر بريق كالذهب على سطوح الماء يرسم لوحة رائعة ينعكس فيها ظل الشاربين يروي الضماء وكأنه السلسبيل بنقاء يعود بك الى الطفولة عندما كان المكان مسرحاً للتراقص والجري مع المطر ويغني الجميع المطر جانا رش معزانا.. راحت تولد في مفاليها.. ومن الذكرى القديمة يخرج ذلك العشق للمطر: يازين سجات القدم وقت الامطار وشوف الفياض اللي جديد مطرها ويتمخض ذلك العشق الى واقع يلامس شغاف القلوب وتوضع الاسماء المتعددة لذلك الجميل فهو الديم والرشاش والوبل والخير والودان والغشينى والمدلهم والوكاف والغمام . وان غاب ذلك المنهمر الجميل ترتفع الاكف في طلبه من الله يقول الشاعر هذال الغزيلي السبيعي: يالله في مدلهم راكد وبله يسقي طوارف شعف وغثاه ياطاها وهذا الشاعر سعد بن جدلان يصف المطر بعد تضرعه لله يعطي صورة أشبه بالخيال عن مراحل هطول المطر وتأثيره على عناصر المكان: يالله بنو من الحمة الى الحمة ترجع عسوس السحابة ماتعدوها البل شعاها نفيضه وسرحت يمه وأهل الجهازات والشاصات خموها تخبطت في غديرة وشرعت جمه وداجت وطابت خواطرها وردوها هكذا هو المطر فرح وأمل وجمال يرسم البسمة ويزيح صدى النفوس ويجمع الاحبة: جعل السحاب اللي معه برق ورعود يمطر على دار وليفي سكنها