لن أكسر قلمي ولن أمزق أوراقي.. بل سأضعهما خلفي ، فربما يجبرني الزمن يوم ما أن أشكو.. حينها سألتفت خلفي وسأشكو!.. في يوم سابق كتبت.. " حين يكون شخص ما هو صديقك.. فعليك أن تنتبه إنك تشتري مرآة ليرى الآخرون وجهك فيها!.. تذكرت ما كتبته حين كان ذلك الانسان صديقي.. فأنا لم أقتنِ المرآة الصادقة ليراني الآخرون كما أنا.. فكانت نتيجة ذلك أن لا أحد نظر إلي وجهي!.. وحين سرق وجهي وابتسامتي ورحل.. تركني خالي الوفاض من ملامحي والفرحة، وكنت هنا دائماً ألتفت خلفي حيث أشيائي التي لا تكذب أبداً.. سأفرد بعض الأوراق لتحكي ما شكوت لها.. -1- أول عائلة أتقدم لخطبة ابنتها.. رفضتني!.. لم يبدوا الأسباب.. كل ما قالوه " ليس هناك نصيب!.. ".. حملت بسمتي وحلمي وأقفلت باب دارهم خلفي.. وبعد فينة من الزمن وقبل أن أطرق باب عائلة أخرى، وصلتني كلمات رفضهم.. " سألنا عنه.. وقالوا من سألنا عنه "إن جواز سفره مليئاً بالأختام!..".. حينها نظرت لجواز سفري ووجدت أغلب صفحاته ناصعة البياض!.. ربما كانوا يقصدون جواز سفر صديقي!.. -2- العائلة الثانية التي طرقت بابها لخطبة ابنتهم.. رفضوني أيضاً.. لم يقولوا " ليس له نصيب ".. وإنما قالت أختي لي: "نحن نرفضهم، فالفتاة التي كنا نأمل أن تكون زوجتك.. عرفنا أن لها ثلاثة أخوان معاقين فكرياً".. ربما أختي لا تريد أن تحطمني.. لأني عرفت أن تلك الفتاة قد تزوجت بعد ثلاثة أشهر من طرقنا لبابهم!.. أدركت حينها أنهم سألوا عني وقيل لهم " إنه يسكن مع والدته ، ووالدته تنام مبكراً فيسهر مع أصدقائه حتى الفجر!..".. لم أرض بعذرهم ، فدائما قبل الثانية عشرة ليلاً أضبط منبهي على موعد صلاة الفجر وأنام.. وحين أصحو لصلاة الفجر أجد في هاتفي عدة اتصالات من صديقي وكلها قبل موعد صلاة الفجر بدقائق!.. -3- أدركت الخطأ.. فتركته هو الذي صادقت سمعته أكثر من صداقته!.. وتزوجت بعدما انقطعت صلتي به منذ عام.. -4- لم يكن هو صديقي ، تعرفت عليه في عملي الجديد ، فألتصق بجسدي ووجهي ، فحكم الآخرون علي من خلال ما يفعل ، ولم أكن أرتاح لوجوده فيما سبق، ولكن ماذا علي أن أفعل وقد عرف عنوان داري!.. كان ذلك قبل سنين مضت ، تركت فيها عملي وتركته، اتصل كثيراً علي ولكن عدم الإجابة عليه أبعدته عني.. فابتعد وكتبت: - "حين يكون شخص ما هو صديقك.. فعليك أن تنتبه إنك تشتري مرآة ليرى الآخرون وجهك فيها!.. -5- عدت إلي قلمي وورقي ، عدت أكتب من جديد، لم أدعهما خلفي كما فعلت سابقاً وإنما عقدت معهما صداقة أبدية.. وأدركت أن القلم والورق هما صديقان لا يسرقان أشياءك ، فعذراً للإنسان الذي يريد أن يكون صديقي فأنا لا أصادق سوى أشيائي.. وليرحل الباقون!..