من يتابع الإحصاءات الخاصة بالسكان كنمو والسيارات أيضاً كاستيراد ونمو فإنه يجد تعارضاً كبيراً يوجب الحذر والدراسة والمتابعة، تقول الأرقام الموثقة إننا نستورد سيارات سنوياً بما يقارب 800 ألف سيارة وخلال ثلاث سنوات دفعنا ما يفوق 183 بليون ريال أي 22% من ميزانية الدولة التقديرية لعام 2013، أما النمو السكاني فهو يقارب 600 ألف نسمة سنوياً كأعلى المعدلات نمواً في العالم. ماذا يعني كل ذلك؟ أن النمو للسيارات بهذا المعدل يعتبر كبيرا جداً ويفوق النمو السكاني، هذا يسبب عبئا اقتصاديا كبيرا بسبب فقدان النقل العام ورخص تكلفة تملك السيارة وأيضاً رخص كل شيء يتعلق بالسيارة من وقود ومواقف وتأمين وكل شيء إضافة إلى تسهيلات شركات السيارات التي أصبحت تتيح تملك السيارات بأقل التكاليف خاصة للفئات الصغيرة منها. وهذا ما وضعنا الآن بالمشهد اليومي الذي نعاني منه وهو الزحام واستنزاف الوقود حتى أصبح النمو السنوي لا يغطي الحاجة ونستورد البنزين من الخارج. مع النمو السكاني أيضاً الذي يستلزم نمواً وبنية تحتية صلبة ونمواً مستمراً وهذا لم يتحقق للآن بالصورة المطلوبة، وإلا ما شاهدنا الأزمات التي نعاني منها من شح أراضٍ وأزمة سكن ومياه ونقل عام وغيرها والآن يضاف لها النمو العالي في السيارات الذي يفوق النمو السكاني وهذا يحقق عبئا كبيرا اقتصادياً واجتماعياً وخللاً واضحاً سنعاني منه وقد بدأنا فعلا. إن إعادة صياغة النمو الاقتصادي تحتاج توازناً وهذا الغرق من السيارات كمثال وأيضاً النمو السكاني الذي يفوق عملية التنمية كلها خلل يعني أن الحلول ستكون متأخرة ولن تكون كافية، فالمعروف اقتصادياً أن النمو الاقتصادي يجب أن يكون أعلى وأسرع من أي نمو لكي يحقق التوازن في الاقتصاد ويلبي الاحتياج من خلال الدخل أو فرص العمل أو غيرها الجرس هنا يعلق بمخاطر كبيرة بنمو كبير للاستيراد للسيارات التي تقدم نموذجا مخيفا ومعه النمو السكاني أيضاً فالخلل واضح وبارز ويجب التصدي له بحلول جذرية وحاسمة لخلق بيئة ومجتمع واقتصاد متوزان.