لا شيء يعتصر القلب مثل لوعة الفراق، وأي فراق؟ انه فراق الأحبة من الاصدقاء، وتزداد لوعة الفراق اذا كان هذا الصديق من الأقارب، الذين يتمتعون بحس فكاهي وحب الخير لغيره فتأنس بمجالسته وتستقي من حديثه خبرات السنين من القصص والحوادث التي يعتبر حديثه عنها توثيقاً لها اضافة الى روح الشباب التي يتمتع بها رغم تقادم العمر وشيخوخته. فبالأمس القريب فقد شاعرنا حمد بن عبدالرحمن الدعيج (نديم كميت) صديقاً من هذا النوع، الا وهو قريبه وصديقه العزيز الشيخ عبدالعزيز بن علي الدايل - رحمه الله - كما فقدته محافظة مرات بأكملها، الصغير والكبير، رحل وترك بعده فراغاً كبيراً في النفوس التي تعلقت به وأحبته، فقد كان مجلسه اليومي في دكانه بمنزله بمثابة الملتقى للمحبين من محافظة مرات وما جاورها من المراكز الذي يغص بهم رغم صغر مساحته الا أنه يتسع لهم بقدر اتساع قلب صاحبه - رحمه الله - فلا يمر يوم من دون أن تراه عامراً برواده من أحبته الكثر على اختلاف أعمارهم منذ الصباح الباكر، ومع اقتراب صلاة الظهر غالباً ما يقوم الجميع بالتأهب الى رحلة برية في رحاب المنطقة فيتناولون طعام الغداء في أحد المتنزهات البرية فقد كان - رحمه الله - شغوفاً بحب الرحلات البرية، فقلما يمر يوماً دون أن يكون هناك (كشته) الى البر مع عدد من أحبته واصدقائه، وفي يوم كغيره من الأيام شاءت قدرة الله أن يودع الدنيا في هذا المجلس صباحاً بين عدد من جلسائه، فما هي الا لحظات من وصوله الى المستشفى حتى سلم الروح الى بارئها، بين بكاء مرير من أبنائه وأصدقائه الذين غص بهم المستشفى الذين سلموا بقضاء الله وقدره محتسبين مصيبتهم فيه لدى الله، سائلين الله له الرحمة والمغفرة والرضوان. وفي غمرة الحزن تذكر شاعرنا حمد الدعيج هذا الفقيد العلم عندما رأى دكانه مغلقاً، وتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضاها برفقته وتذكر (المكشات) وطلعات البر فجهشت عيناه بالبكاء، فشدا بأبيات جميلة يرثي فيها ذلك القريب والصديق العزيز الغالي ورفيق الدرب فقال: مريت دكانه على تالي عصير وأجهش فؤادي بالبكا والنواحي الباب مصكوك على قفل تسكير لاواحسايف زول راعيه راحي الصاحب اللي مواصله بالمسايير ودع لنا الدنيا وخلف جراحي راح الرفيق اللي على القلب تسرير راعي سواليف وطيب وسماحي (أبوسعود) اللي غلايه أنا غير يحبني وأغليه راعي انشراحي إي والله أبكي ليش ماأبكيه ياطير أبكيه نوح ومثلك القلب ناحي أناأشهد إنه كسر القلب تكسير هاك الفراق اللي طعن لي مزاحي ياويل قلبي لاتذكرت لي طير صقر كفخ من دنيتي للمراحي أنوح نوح الطير لاورد له بير يوم ارتوى وانزاح يم البراحي طير فقد له طير بين الطوابير أقفى وليفه وقت هاك الصباحي ياشن جرالي يوم جتنا المخابير طنب خفوقي ياعرب بالصياحي ذي دبرة الخالق عظيم التدابير رب خلق فرقا تجيب النياحي قفضت عفش البر واوميت للغير خلاص عفت البر مابي مراحي أروح وين أروح معار لي غير غير النواح وجر صوت المناحي وداع يالغالي عسى مسكنك خير في جنة الفردوس والمسك فاحي