يقول الإمبراطور والفيلسوف الروماني مرقس أوريليوس: "إن السلام موجود في أعماق النفوس، فابحث عن السلام في قلبك". وهذا يعني أن السعادة والسلام ينبعان من أعماق الوجود الإنساني، من أعماق النفس الإنسانية. وقد ثبت بالأدلة القاطعة أن الأحاسيس والمشاعر السلبية التي نحس بها، مثل القلق والأسى على الماضي والشعور بالمرارة، والغيرة والتبرم من الحاضر يمكن أن تستهلك جانباً مهماً من حيوية الإنسان ومن الطاقة التي وهبها الله للإنسان. وهناك بعض الناس الذين يستمتعون بالصحة المريضة، ولا يرضى أولئك الناس عن الحياة إذا خلت من المشاعر السلبية مثل القلق والتبرم والضجر من الحياة. وهم يستمتعون بالحديث عن أمراضهم الوهمية وآلامهم ومقدار متاعبهم، وهم يمثلون الإشفاق على النفس أصدق تمثيل، ولذلك فهم تعساء دائماً بقدر انغماسهم في أنفسهم. ولقد تبين من إحصاءات طبية عديدة أن أربع حالات من خمس حالات آلام الهضم وقرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وغير ذلك من علل هي نتيجة للمشاعر السلبية التي تنتاب الإنسان وتأتي عن طريق تفكير الإنسان في نفسه وانغماسه في ذاته دون الانخراط في حياة الناس وتحمل المسؤوليات المعقولة. يقول الدكتور اليكس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب: "أولئك الذين يعرفون كيف يشيعون الهدوء والسلام في أعماق نفوسهم وسط ضجة هذه الحياة العصرية يصبحون ذوي مناعة من الاضطرابات العصبية". إن الانشغال بالعمل من خير ضروب العلاج لضعاف الأعصاب، فالوقت لا يتسع أمامهم للتفكير في متاعبهم وقلقهم. إن سر التعاسة كما يقول – برنارد شو- الكاتب الإيرلندي المشهور هو أن يكون لديك فراغ من الوقت تفكر فيه هل أنت سعيد أم شقي. والإيمان عنصر مهم من عناصر السعادة، فلا سعادة حقيقية لمن لا إيمان له، ولا ملجأ يأوي إليه عند الأزمات، يقول الفيلسوف الأمريكي وليام جيمس: "الإيمان هو إحدى القوى التي يحيا بها الناس، ففقدانها التام معناه الانهيار" إن السعادة موجودة في أعماق نفوسنا فلا تدع التعاسة تقتحم حياتك، وصممّ حين تستيقظ من نومك صباحاً أن تكون سعيداً في يومك ونظم وقتك تبعاً للظروف المحيطة بك. ومن أجل صحتك، اعتن بجسمك واطرد من ذهنك الخواطر وابعد عن نفسك الخوف والشك والقلق وكن نشطاً وابذل أقصى ما تستطيع في سبيل خدمة الناس والتعرّف عليهم، فمعرفة الناس قد تكون مفتاحاً للسعادة ولا تنسى أن تلجأ إلى الاسترخاء من أجل التخلص من متاعب الحياة، والبحث دائماً عن مزيد من السعادة والسلام.