الأوامر الملكية الخاصة بمنح المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضاً للبناء جاءت كبادرة انفراج لأزمة السكن ونزلت بردا وسلاما على الجميع، لاسيما الشباب الذين كادت أحلامهم تتبخر وتعصف بها الرياح، حيث أصبح تملك السكن ضربا من الخيال بعد وصول أسعار الأراضي لأرقام فلكية، لا تتناسب مع مستوى دخل المواطن! هذه الأوامر جسدت اهتمام الدولة بقضية السكن وأعطت رسالة بأن صبرها بدأ ينفد، ولم تعد تحتمل تصرفات هوامير الصحراء من المحتكرين للأراضي، وأنها عازمة على حل أزمة الإسكان وتأمينه لكل مواطن.. وقد نصت الفقرة 2 على انتقال تسليم جميع الأراضي الحكومية والمخططات لوزارة الإسكان، بينما نصت الفقرة 3 على اعتماد وزارة المالية المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية لأراضي الإسكان. هذه الأوامر وضعت وزارة الاسكان أمام مسؤولية تاريخية وتحد كبير، يتطلب وضع النقاط على الحروف، وإضاءة الطريق ليتمكن المواطن من اتخاذ قراره المصيري بشأن التوقيت المناسب لشراء الأراضي وتملك السكن. دعوني أوجه بعض الاستفسارات للوزارة، قبل البدء في تنفيذ الأوامر، واقول: أين سيمنح المواطن أراضي هل ستكون داخل النطاق العمراني أم خارجه والتي لا يتوفر فيها مرافق قائمة لللخدمات الصحية والتعليمية والأمنية؟ هل هناك هروب من مطلب فرض رسوم على الأراضي المحتكرة مهما كانت مساحتها؟ هل بالإمكان استعادة المخططات الممنوحة منذ 28 عاما التي لم تحيا وإعادة توزيعها على المواطنين، كخطوة عملية على طريق الحل؟ 70% ربما من أراضي مدينة الرياض بيضاء، كيف ستتعامل الوزارة مع تلك الأراضي؟ هناك 600 ألف على قائمة انتظار الصندوق العقاري على النظام القديم، لم يتم الانتهاء منها حتى الآن؛ فكيف سيصل الدور للقوائم الجديدة؟ وهل هناك خطة واضحة لتحديد مدة زمنية للانتهاء من تلك القائمة! الأمر الملكي تضمن منح الوزارة الأراضي والاعتمادات المالية اللازمة للبنى التحتية. هذه الأوامر، لاشك أنها سترفع نسبة التملك بشكل ملحوظ، وتحقق تراجعا في أسعار الأراضي والمساكن، وبناء على هذه الاستبصارات سيشعر المواطن بالفرق بين آلية الأمانات في منح الأراضي وآلية الوزارة، وهنا تكمن فطنة الوزارة في استيعاب رسالة الدولة بإسناد المهمة إليها ومن ثم إثبات أهليتها لهذه المسؤولية وهذه الثقة.