ربما يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد شعر بإغراء ليقول لنظيره الأمريكي باراك أوباما "ألم أقل لك؟" حين أنحى مسؤولون أمريكيون باللائمة على اثنين من أصول شيشانية في تفجيري بوسطن. ويقول بوتين منذ فترة طويلة إن الولاياتالمتحدة تسيء تقدير التهديد الأمني الذي يمثله المتشددون في منطقة شمال القوقاز المضطربة بروسيا ورفض انتقادات مفادها أن استخدام موسكو للقوة بالمنطقة كان مبالغا فيه. لكن زعيم الكرملين التزم الصمت في العلن منذ قتلت الشرطة الامريكية تيمورلنك تسارناييف في تبادل لإطلاق النار وألقت القبض على شقيقه الأصغر جوهر بعد ملاحقتهما. والاثنان من أصول شيشانية ويعيشان في الولاياتالمتحدة. بدلا من هذا أدلى بوتين والرئيس الأمريكي بتصريحات إيجابية عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في مكالمة هاتفية يوم الجمعة مما يشير الى أن الجانبين يريان فرصة لتحسين العلاقات المتوترة بين بلديهما. وقال ماثيو روجانسكي نائب مدير برنامج روسيا ويوراسيا بمعهد كارنيجي في واشنطن "أتمنى أن يتيح الكشف عن صلة المفجرين بالشيشان فرصة لإصلاح التعاون الأمني بين الولاياتالمتحدةوروسيا." وقال الكرملين في بيان مقتضب بعد المكالمة الهاتفية بين بوتين وأوباما إن الرئيسين اتفقا على تكثيف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وتحدث ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين بنبرة متفائلة في مقابلة تلفزيونية وقال لقناة روسيا 24 الحكومية "أعتقد أنه ستكون هناك اتصالات بين أجهزتنا المخابراتية." ولم يذكر تفاصيل. وقال مصدر في أجهزة إنفاذ القانون الأمريكية يوم السبت إن روسيا كانت قد طلبت من مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) التحقيق مع تيمورلنك تسارناييف عام 2011. ولم يتضح ما الذي فعلته موسكو للتعاون مع واشنطن منذ تفجيرات الاثنين لكن مجرد اتخاذ خطوات صغيرة سيمثل تقدما في علاقة أمنية تدهورت في السنوات القليلة الماضية. ودبت خلافات بين موسكووواشنطن بسبب الصراع في سوريا وما تعتبره الحكومة الأمريكية حملة على المعارضة الروسية منذ عودة بوتين الى الكرملين رئيسا لولاية ثالثة في مايو ايار الماضي. ويتعشم الكرملين فيما يبدو أن تضطر واشنطن الى إعادة النظر في أمر شمال القوقاز على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت في أحدث مسح أجرته لأوضاع حقوق الانسان على مستوى العالم إن هناك "نقصا شديدا" في سيادة القانون في المنطقة. ورسخ بوتين صعوده الى السلطة من خلال سحق محاولة الشيشان للاستقلال في الحرب الثانية من حربين شهدتهما المنطقة وبالتالي فهو شديد الحساسية لأي انتقاد لتعامله مع تمرد المتشددين الذي انتشر الان في أنحاء متفرقة من شمال القوقاز. وقال روبرت ليغفولد وهو استاذ فخري بجامعة كولومبيا وخبير في الشؤون الروسية إن ما حدث في بوسطن سيساعد في زيادة التعاون بين الولاياتالمتحدةوروسيا لأن الأطراف ستتبادل معلومات المخابرات والمعلومات بشأن المشتبه بهما. وأشار الى أن روسيا سارعت الى دعم واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر/ ايلول 2001 على الولاياتالمتحدة وقال إن من الممكن أن يتعمق التعاون الأمني بنفس الطريقة الآن. وأضاف "أعتقد أن في النهاية يريد الروس بقيادة بوتين الحفاظ على أن تكون العلاقة بناءة لأقصى درجة ممكنة." ومضى يقول "من المرجح أن تكون هذه الحادثة إيجابية اكثر منها سلبية (للعلاقات الامريكية الروسية)." ويحتاج بوتين الى تعاون أوثق في المجال الأمني لأنه يريد أن يضمن مرور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 بسلام والتي تقام في سوتشي على البحر الأسود وهي قريبة من أعمال العنف في شمال القوقاز. وخلال زيارة قام بها مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض توم دونيلون لموسكو هذا الأسبوع تفادى الجانبان تبادل التصريحات العلنية العدوانية في مؤشر على أنهما يريدان استئناف مسار "إعادة ضبط" العلاقات الذي سعى اليه أوباما حين أصبح رئيسا. وكانت العقبة الرئيسية في طريق تحسين العلاقات في الأشهر القليلة الماضية خلافا بين موسكووواشنطن بعد ان أقرت الولاياتالمتحدة تشريعا لمعاقبة الروس المشتبه بضلوعهم في انتهاكات لحقوق الانسان بما في ذلك وفاة الناشط سيرجي ماجنيتسكي في سجن روسي عام 2009 وخطوات اتخذتها روسيا ردا على هذا. لكن محللين سياسيين يقولون إن خصمي الحرب الباردة السابقين أظهرا أنه على الرغم من الخلاف فإنهما يريدان الحد من الضرر الذي ألم بالعلاقات.