كالعادة تنقسم حبة خلافاتنا إلى نصفين لا ثالث لهما. اليمين واليسار هما من يستبدان بالمشهد حول موضوع تخفيض العمالة الأجنبية في السعودية، بين مؤيدٍ لإخراج الأجانب وتقليص أعدادهم تبعاً لنسبة السكان، وبين معارضٍ للموضوع معتبراً هذا التعامل شكلاً من أشكال العنصرية. ما يجب أن يضعه الجميع في عين الاعتبار، سواءً من يتعاطى مع هذه القضية من داخل السعودية أو من خارجها، هو أن حملات متابعة العمالة غير النظامية، لا تشمل، ويجب ألا تشمل، العامل الذي دخل البلاد نظامياً ويعمل في مهنته التي دخل للبلد بموجبها. لكل بلد قوانينه، قد نختلف معها وقد نتفق، لكننا، لا نستطيع أن نلزم بلداً في مشارق الغرب أو مغاربها، بوجوب ان يعمل بغير القانون الذي سنه! لستُ عنصرياً، ولكن في السعودية عمالة سائبة، وفيها الكثير من الأشخاص الذين يتعلمون الصنعة، لا في بلادهم، بل في رؤوسنا. يواجه السعوديون، مشاكل بطالة حقيقية، جزء رئيس من أسبابها، المنافسة غير المنطقية، من قبل العمالة الأجنبية، وبخاصة غير المحترفة منها. ومن حق أبناء البلاد أن يجدوا فرصاً، لا أقول بأنها سهلة، بل أقول بأنها منطقية على الأقل. زميلنا العزيز، أبو صلاح، جمال خاشقجي كعادته بإثارة الجدل وبشكلٍ مميز كتب عنواناً صادماً للكثيرين قبل فترة إذ قال:"أخرجوا الأجانب من جزيرة العرب"، مما جعل الردود تنهال عليه تبعاً للعنوان، بينما لم يكن يؤيد طرد كل الأجانب، بل ضبط نظامية العمالة الأجنبية، وهذا ما نطالب به جميعاً حتى لا تبتلع العمالة ديموغرافيتنا السعودية. لا يمكننا في السعودية أن ننكر دور العمالة غير السعودية في بناء البلاد، وهو دور يجب أن نقر لكل من ساهم فيه بالفضل، ونوجه له الشكر والتقدير، لكن حملة تقوم ضد غير النظاميين من الأجانب، لا يجب أن تفسر على أنها عنصرية تمارس ضد أحد، بقدر ما يجب أن تؤخذ على أنها مواجهة إشكالية اقتصادية، وأمنية، ومحاولة جادة للتعاطي معها، من قبل السلطات المخولة. بآخر السطر، بلغ عدد سكان السعودية حسب آخر إحصائية رسمية 27.1 مليون نسمة، منهم 7.2 ملايين أجنبي، ونسبة العمالة لدينا 26.6 بالمئة، والسعي لتخفيض هذه النسبة إلى 20 بالمائة طموح مشروع، بل هو واجب وطني، لا يجب أن يتحسس منه زيدٌ ولا عبيد، وسلامتكم!