ينتظر أهالي الطائف وزوارها في مثل هذا الوقت من كل عام موعد قطاف الورد وحصاده، الذي يتزامن مع إقامة مهرجان سياحي للتعريف به؛ الأمر الذي جعل له الأثر الأكبر في اتساع رقعة تسويقه وبيعه منتجا سياحيا وزراعيا تشتهر به الطائف، ذلك من خلال مشاركة أكبر منتجي ومصنعي الورد عبر أجنحة مخصصة تستمر مشرعة أبوابها طوال أيام حصاده التي تمتد لأكثر من شهر تقريباً. وخلال هذه الأيام تستعد مزارع الورد في الطائف لحصاد الورد الطائفي، وذلك من مزارع الورد المنتشرة في الهدا والشفا، والوهط والوهيط، والبالغ عددها أكثر من ألفي مزرعة، حيث نشطت مصانع التقطير التابعة للمزارع في إنتاج الورد المقطر، التي تقوم بتحويل كل هذه الورود إلى عطور طبيعية بعد إخضاعها لعمليات تقطير تشتهر بها، ومن ثم يدفع بها للأسواق ومحال بيع العطورات بالمملكة وكثير من دول العالم، خاصة أن ورد الطائف يكتسب أهمية كبيرة لدوره في صناعة دهن الورد وماء الورد. من مهرجان الورد الطائفي السابق عوائل اشتهرت بتسويق الورد تشتهر عوائل معروفة بالطائف كالطلحات من هذيل، والغربة من النمور من ثقيف، وآل القاضي، وقريش، وآل كمال، بتخصصهم في صناعة دهن وماء الورد، لكن ذلك لا ينفي دخول آخرين إلى هذه الصناعة؛ الأمر الذي جعل تسويقه يتسع ليصل إلى المستوى العالمي، بعد أن كان تسويقه محلياً، وأصبح يسمى (عطر الملوك)، لكونه أغلى وأثمن الهدايا، ومطلب للوجاهة والتميز. ويقول خالد آل كمال (أحد أشهر باعة الورد بالطائف): "تبدأ فترة زراعة شتلات الورد مع حلول برج (الطرف) ومع حلول الموسم الزراعي يبدأ المزارعون بحفر أخاديد في تربة الحقول الزراعية، لتطرح فيها أغصان صغيرة قصت بعناية من شجر الورد، ثم يهال عليها السماد وتسقى بالماء عند انقطاع المطر، وفي مواعيد محددة"، وتحظى أشجار الورد المنتجة بعناية خاصة وتشذيب متواصل مع توفير دائم للماء و(السماد) حتى موسم الحصاد الذي يبدأ عادة في شهر أبريل، ويستمر حتى نهاية مايو من كل عام، ويحرص المزارعون على إبقاء شجرة الورد قريبة من الأرض، بحيث لا يزيد ارتفاعها أكثر من متر ونصف المتر ويقص ما يرتفع عن ذلك، وذلك بهدف تحفيز الشجرة على إنتاج أقصى قدر ممكن من الورود كل صباح، مشيرا إلى أن عملية قطف الورد لا بد أن تبدأ قبل طلوع الشمس، حيث يكون الورد ندياً وفواحاً. وتابع آل كمال يقول: "لقد شهدت زراعة الورد الطائفي خلال السنوات الأخيرة اهتماماً خاصاً، وإن هذه الجهود ستعمل على توسيع الرقعة المزروعة؛ الأمر الذي سيكون لها الأثر الايجابي على نمو وتطور زراعة الورد بالطائف"، ونوه بأهمية إقامة مهرجانات الورد بالطائف، التي ستعمل على نجاح تسويقه عن طريق سواعد وطنية شابة، وأضاف: "يحرص الأهالي والزوار على اقتناء كميات منه، كاستخدام شخصي، أو كهدايا قيمة وثمينة خاصة لمن يقدر قيمة الورد، حيث لا يخلو عرس في الطائف أو مناسبة عائلية سعيدة إلا وكان للورد الطائفي حضور فاعل في كل مشاهد الفرح والسرور، فترى سلال الورد يحملها الأطفال والفتيات في أرجاء الفرح، سيما أن ورد الطائف معروف بفوح شذاه، وجمال عطره". بيع الورد الطائفي وأبان أنه وخلال الفترة الأخيرة برز كثير من الأسماء من مواطني الطائف، الذين دخلوا مجال صناعة وتقطيره، واتجهوا إلى تسويقه والمتاجرة فيه، بل أن بعضهم تفرغ لهذه التجارة تماماً، وهذا أمر ساعد على اتساع رقعة انتشار الورد الطائفي داخل الوطن العربي وخارجه. زراعة الورد وتقطيره وقال عوض الطلحي (صاحب مزرعة ورد في منطقة الشفا): يشتهر في الطائف حالياً نوعان من الورد هما الورد القاني، والورد الفاتح الذي يعرف بين الناس في المنطقة باسم ورد الطائف، وأضاف: يبدأ موعد زراعة شتلات الورد في فصل الربيع، ثم تأتي مرحلة تشذيبه (تقليم فروع شجيرة الورد)؛ الأمر الذي يجعل من جني ثماره أمراً سهلاً، ثم تأتي عملية الري التي تبدأ من بعد التشذيب في فصل الربيع إلى نهاية فصل الصيف، كما يبدأ موسم قطف الورد مع دخول فصل الصيف (شهر مارس)، وتستمر لمدة تراوح بين 35 و45 يوماً، وتختلف باختلاف توالي الفصول الأربعة حيث تتأخر مدة بداية القطف في كل سنة من 10 إلى 15 يوماً، مبيناً أن عملية جني الورد تتم بالطريقة التقليدية يدوياً، وفي الصباح الباكر أثناء تفتحها، ويكون ذلك في نهاية شهر مارس وخلال شهري أبريل ومايو، ومن ثم تصنيع مائه وعطره أو بيعه لأصحاب المصانع لمن لا يمتلك مصنعا، وتكون أسعاره في حدود 30 ريالاً لكل ألف وردة. وعن عملية تقطيره واستخراج مائه يقول: "تتم من خلال وضع من عشرة آلاف إلى ثلاثة عشر ألف وردة في القدر الخاص بطبخ الورد (تقطيره)، حيث يتم إشعال النار تحته حيث يتجمع البخار الناتج عن الطبخ، ويخرج من أنبوب في غطاء القدر التي بدورها تمر داخل إناء آخر به ماء لتبريد البخار، ثم يتكثف، ومن ثم تخرج قطراته إلى ما يسمى ب (التلقية)، وهي عبارة عن زجاجة ذات عنق تسع حوالي 25 لتر. معمل للتقطير وهذه العملية يطلق عليها (التلقية الأولى)، وفيها تطفو المادة العطرية في عنق الزجاجة، وتسمى (العروس)، وبعد أن تمتلئ الزجاجة يتم وضع زجاجة (تلقية) أخرى، وتسمى (الساير)". وأشار إلى أن العروس تعد أفضل الأنواع، وتصل نسبة تركيز رائحته إلى 80 في المائة، ويأتي بعده (الثنو)، وتصل نسبة رائحته 50 في المائة، أما الساير فلا تتجاوز نسبة التركيز فيه من رائحة الورد عن 20 في المائة. مشيراً إلى أن دهن الورد الطائفي ليس فيه درجات أو قطفة أولى وقطفة ثانية - كما يشاع بين الناس - بل هناك فقط نوع جيد وآخر رديء، والجيد منه هو الذي يتم استخلاصه وقطعه بالتقطير من 40 ألف وردة، ولا يتكرر غليها أكثر من مرتين في قدور الغلي، فزيادة التقطير تسيء للمنتج النهائي من الدهن. أما الرديء فهو ما يتم استخلاصه من عدد أقل من الورد وبتكرار تقطيره. تقليم الأشجار وعن الأسعار قال: إن هذا الأمر يحكمه العرض والطلب، ويرتبط بكميات الأمطار، ومدى توفر المياه في آبار مزارع الورد، وعوامل الطقس، إلا أنه في المعتاد تراوح أسعار توله الورد الصافي بين ألف إلى ثلاثة آلاف ريال، ويبلغ سعر ماء الورد (العروس) حوالي 50 ريالا وماء الورد (الثنو) 30 ريالا، وماء الورد الساير عشرة ريالات. فوائد الورد وللورد الطائفي فوائد كثيرة يأتي في مقدمتها أنه يقوى القلب والأسنان، ومفيد للمعدة، وطارد للبلغم، كما يزيل الصداع، وله نكهة طيبة إذا أضيف ماؤه إلى ماء الشرب أو وريقاته إلى الشاي. ويستخدم ماء الورد الطائفي الذي يعبأ ويخزن في قنانٍ زجاجية كبيرة سعة 20 لترا، قبل تعبئته تجاريا، لأغراض متنوعة خصوصا في صنع الحلويات الشرقية وإضافته إلى ماء الشرب وهو على نوعين: النوع العادي الذي يباع في قنانٍ زجاجية صغيرة سعة 250 ملم، وتباع في الأسواق بسعر 10 ريالات للعبوة الواحدة، والنوع المميز المعروف باسم (العروس) وهو الماء المكرر من غلي الورد لاستخراج الدهن في القطفة الأولى. وتباع العبوة الصغيرة بسعر 50ريالا، وهو النوع المفضل عند الخليجيين في استقبال ضيوفهم وتوديعهم في المناسبات والأفراح برشه على الضيوف نساء ورجالا بقنان خاصة تعرف بمرشات الورد، تصنع بطرائق فنية متنوعة من النحاس والزجاج وتجمل بماء الذهب والنقوش والفصوص والأحجار الكريمة الأصلية والتقليدية. عامل داخل معمل لتقطير «عطر الملوك» كما تستخدمه النساء في تنظيف البشرة وتغذيتها، أو بإضافته إلى الأقنعة التجميلية للوجه والجسم المصنوعة محليا لإعطائها رائحة مقبولة علاوة على خواصه العلاجية المفيدة لبعض الأمراض الجلدية. جهود الزراعة في دعم إنتاج الورد هذا وتقوم مديرية الزراعة بمحافظة الطائف بتقديم الخدمات الإرشادية لمزارعي الورد من خلال الزيارات للمزارع وإيضاح طرائق التقليم الحديثة والتسميد المناسب والري وعمليات التعشيب وكذلك الترشيد حول تقليل نسبة استنزاف المياه بإتباع الطرائق الحديثة للري وتوزيع النشرات الإرشادية وغيرها من الخدمات. كما تقوم بعمليات تشخيص الإصابة بالأمراض والحشرات ومكافحتها برش المبيدات والعمليات الزراعية التي تقلل من الإصابة وإيصال المعلومات الحديثة حول تحسين وزيادة المحصول والتغلب على العوائق. مزرعة ورد بالطائف معمل الكمال لتقطير الورد تقطير الورد بواكير الورد جمع الورد