تقف سياحتنا السعودية اليوم على أعتاب مرحلة وعهد جديدين من النمو والتنمية الشاملة، وتشهد حالياً حراكاً ملحوظاً من الفعاليات والمؤتمرات والمعارض، ولغة الأرقام على أرض الواقع تؤكد تضاعف حجم وفرصة نجاحها، لاسيما في ظل ما يشهده قطاع السياحة والفنادق من طفرة نوعية غير مسبوقة، والمتمثلة في تقدم العاصمة الرياض في المراكز الأولى في حجم النمو الفندقي لعام 2013م، إذ جاءت بعد دبي وشنغهاي، على رغم أنها مكثت سنوات طويلة عاجزة عن النمو والتقدم. ولعل أبرز فعاليات هذا العام هو احتفال الرياض مساء أمس "بعرس السياحة السعودية" ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2103، الذي تحتضنه العاصمة خلال الفترة من "31 مارس وحتى 4 أبريل"، بمشاركة 162 شركة في قطاع السياحة والسفر، إضافة إلى الأمانات ومجالس التنمية السياحية. ويعد "عرس الرياض"، في رأي خبراء السياحة، الملتقى الأبرز محلياً، إذ يشهد كل عام حضوراً مميزاً، ومنافسة حادة، وتجويداً وتطويراً في مسعى جاد للظفر بنصيب جيد من كعكة السياحة الخارجية، التي تجاوز حجم الإنفاق عليها سنوياً 23 مليار دولار. والمتابع لملتقى السفر والاستثمار السياحي، وتحديداً هذا العام، يلاحظ حجم التطور المتصاعد الذي تشهده صناعة السياحة السعودية، وما سيتبعها من فنون تسويق، إثر المنافسة الشرسة التي تستخدم فيها أرقى الوسائل أو "الأسلحة" - إن صح التعبير - وأيضاً ما تمثله السوق السعودية من أولوية لدى منتجي السياحة. الأمر الجدير بالاهتمام، أو الدرس المستفاد من نجاح "عرس السياحة السعودية" وتميزه، هو كيف نُجيّر ثمار هذا الملتقى لصالح المنتج السعودي؟ أي كيف نستطيع أن نحصل على جزء من كعكة السياحة العالمية، بإحداث توازن بين السياحة الداخلية والخارجية؟! كون الفاقد المالي ضخماً، ويتضاعف عاماً بعد عام نتيجة الرحلات المغادرة إلى مختلف دول العالم، التي تجاوزت 5 ملايين سائح سعودي، يغادرون المملكة للسياحة سنوياً، ولم يعد الأمر مقصوراً على الإجازة الصيفية، بل في جميع الإجازات، حتى إجازة نهاية الأسبوع. فهذا الملتقى قد يكون واحداً من أفضل الفرص للتعريف بثروات سياحتنا الداخلية التي تحظى بمقومات غنية، إلى جانب تشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذه الصناعة الواعدة، وإذا كانت رؤية هيئة السياحة اقتصار مشاركات العارضين على المنشآت المحلية فقط، وذلك دعماً ومساندة للسياحة السعودية، فنحن في هذا الصدد نحترم توجه الهيئة، ولكن السؤال: لماذا لا يعزز الجانب الاستثماري من خلال إتاحة فرصة المشاركة للشركات الأجنبية المتخصصة في تجهيزات الفنادق والمنتجعات والشقق، وأيضاً الشركات العالمية المتخصصة في إدارة وتشغيل الفنادق، وكذلك الشركات الاستثمارية والعقارية المحلية والدولية، لا سيما أن تلك الاتفاقيات والصفقات تنعش حجوزات الفنادق، وتعزز الحركة الاقتصادية والمصالح المشتركة بين المشاركين وتعود على ملتقى السفر و"الاستثمار" بالنجاح والتميز. وقفة: يفتقد معرض السفر وسائل الجذب المحفزة لحضور الزوار ومنها العروض السياحية الامر الذي يجسد بأن بعض شركات السياحة المحلية تفتقر للتنظيم وغير قادرة على مواكبة تطور هذه الصناعة. ولعل العمل الأنسب من وجهة نظري هو قيام هيئة السياحة بإعداد ورش عمل قبل الملتقى بوقت كافٍ الغرض منها تطوير مفهوم المشاركة في المعارض وكيفية استثمارها بالشكل الأمثل والصحيح. المحطة قبل الأخيرة: نتطلع خلال الأعوام المقبلة، بإذن الله، أن يشهد الملتقى تحولاً في "ثقافة العرض"، بحيث يتناغم جمال الغلاف مع جدوى وأهمية المضمون، وأن يكون هناك أيضاً تركيز ولو قليلاً بشخصية العارض، بحيث لا يقتصر الاهتمام بمساحة الجناح، وجمال الديكور، والاكتفاء بتوزيع البروشورات والحلوى! المحطة الأخيرة: اصبحت المعارض والمؤتمرات مصدرا رئيسيا لتطوير وتنمية السياحة المحلية ولذلك أدركت دول الجوار مبكرا هذا البعد والأهمية. عناوين على الهامش: أبو ظبي تتبوأ مركزاً عالمياً متقدماً في احتضان وتنظيم المؤتمرات والمعارض. 4 مليارات ريال تكلفة مركز الدوحة الدولي للمعارض والمؤتمرات. الرياض تحظى بكل مقومات النجاح والتفوق في صناعة المؤتمرات والمعارض ومتى ما وضعت اهتمامها ستصبح الاولى عربيا.