بات واضحاً،أن المنهج الذي اختطته الإدارة السابقة للهيئة العامة للاستثمار، في سعيها الذي كانت دوماً تعلن عنه، لنشر التنمية على الحيز الوطني، وبالذات في المناطق الأقل نمواً مقارنة بغيرها،اعتماداً في ذلك وبقدر كبير إن لم يكن بشكل مطلق على القطاع الخاص المستثمر تمويلاً وتنفيذاً، قد أفضى تقريباً إلى ما يشبه الإخفاق، حيث ان صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بإسناد تنفيذ أعمال البنية التحتية التي تحتاجها مدينة جازان الاقتصادية في المرحلة الأولى إلى شركة أرامكو السعودية، جاء عقب انسحاب المستثمر السعودي والشركاء الأجانب الماليزيين والصينيين وفق ما كشف عن ذلك سمو أمير منطقة جازان، ورئيس مجلس الاستثمار في المنطقة، كما أنه استند إلى توصية اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى، التي بنيت على تقرير شامل تم رفعه من هيئة المدن الاقتصادية إلى المقام السامي عن أوضاع المدن الاقتصادية، وتضمن تشخيصاً لواقع المدن الاقتصادية الحالي، والمقترحات التي رأت الهيئة أنها تلبي متطلبات وطبيعة كل مدينة من هذه المدن كما أبان عن ذلك معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار، هذا بخلاف الأداء المتواضع الواضح للجميع لكل من الشركتين المساهمتين التي اكتتب المواطنون في كل منهما قبل عدة سنوات لتتوليان أعمال تطوير كل من مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة المعرفة قرب المدينةالمنورة، والإعلان عن فشل جهود التطوير لمدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل. إسناد تلك المهمة إلى شركة أرامكو السعودية كان أمراً متوقعاً، فهي المستثمر الأكبر في مدينة جازان الاقتصادية، إذ تعمل حالياً على إنشاء مصفاة لتكرير المنتجات البترولية بقدرة تتجاوز 400 ألف برميل من النفط، ومحطة لتوليد الكهرباء في المدينة الاقتصادية، وبناء على ذلك الاستثمار كما يذكر وزير البترول والثروة المعدنية، سيتم إنشاء وتطوير صناعات وخدمات مرتبطه بالبترول والطاقة وقطاع التعدين، إضافة إلى إمكانية تطوير مشروع لبناء السفن والخدمات المساندة له. محافظ الهيئة العامة للاستثمار عبر عن تفاؤله تجاه ما صدر في هذا الشأن، وعده توجهاً نحو تصحيح مسار المدن الاقتصادية كافة في المستقبل القريب، من أجل تحسين البيئة الاستثمارية في الاقتصاد الوطني، وهو ما يعكس ذلك بالفعل، فالمساهمة الحكومية المباشرة في توفير البنية التحتية بهذه المدن الاقتصادية، على نحو ما فعلت في مدن الجبيل وينبع، مروراً بما يجري حالياً في رأس الخير، ووعد الشمال، والدور الأساسي في تحمل جزء جوهري من التكاليف الرأسمالية في بناء تلك المدن، هو ما سيكفل جذب الاستثمارات لهذه المدينة والمدن الاقتصادية الأخرى، لكن دون إغفال لجوانب أخرى لا تقل عن ذلك أهمية، ألا وهي ضرورة تكامل إستراتيجية التطوير لتلك المدن الاقتصادية مع الاستراتيجيات الأخرى ذات العلاقة التي منها الاستراتيجية العمرانية الوطنية والإستراتيجية الصناعية الوطنية، والتخلص في ذات الوقت من الازدواجية في المهام مابين الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وهيئة المدن الصناعية، وهيئة المدن الاقتصادية، وأرامكو السعودية.