حين أختار أن أقضي إجازتي بالداخل فلا بد أنني أتوقع وانتظر أموراً تجعلني أتمنى تكرار التجربة مرة ومرات، وحين يعود رفاقي من الخارج بقصصهم وحكاياتهم المشوقة عما فعلوه وعما استمتعوا به فلا بد أن لدي أنا أيضاً ما احكيه وأقوله عن إجازتي في الداخل، لن اخبرهم كما في كل عام أن أسعار الإقامة وخدمات السياحة ما زالت في السماء، ولن أقول لهم عن موظفي الاستقبال والتسجيل الذين إما هم من غير جنسي فلا أفهمهم ولا يفهمونني ولا يهمهم أصلاً أن يفهموا ما أريد وإما من جنسي غير انهم دائماً في حالة ملل وفي عيونهم وأطراف ألسنتهم عبارات غضب وأحياناً مقت لا أعرف سببه!! أريد أن أخبرهم كما يخبرونني عن أماكن ترفيه جديدة وأساليب استمتاع مختلفة وطرق جذب ذكية استطاع بها القائمون على السياحة أن يشغلوا وقتي ويثروا أمسياتي ويفيدوا أولادي.. أريد أن أقص عليهم وأنا اضحك بعض المواقف الطريفة التي حدثت معي أثناء استمتاعي بإجازتي في إحدى ربوع المملكة الساحرة، أو أريهم بكل فخر صوراً رائعة سجلت بها ذكريات إجازتي وأشياء تسوقتها تنتمي إلى بلادي وتنافس المنتج الخارجي جودة وفائدة وحداثة.. وأريد حين يبدأون في نصح بعضهم بعضاً باماكن يجب زيارتها في العالم ان اتدخل في الحديث وأقاطعهم لاقترح عليهم أماكن تضاهي في روعتها ما يتحدثون عنه في الخارج، أريد أن أخبرهم أنني لست ضد تمازج الثقافات ولست ضد معرفة الحضارات ولست ضد الانفتاح على العالم الخارجي ولكنني مع جلب كل ما هو مفيد وممتع وبريء من كل هذا المزيج الأجنبي لكي يقدم في فقرات ضمن ربوع بلادي كما تفعل كثير من الدول لتنشيط السياحة الداخلية.. أريد كل هذا وأكثر ولم لا أليست تجتمع في ربوعها الشاسعة فصول السنة الأربعة؟ ألم يبدأ فيها التاريخ، فسادت أمم وبادت أمم وترك كل عابر أثره قبل أن يمضي؟ أليست هي البلاد الغنية التي تستطيع أن تتغلب على أزمات السكن الصيفي ببناء وحدات أكثر مناسبة حجماً وتجهيزاً وسعراً من أجل السياح؟ أليست قادرة على بناء أماكن ترفيهية خدمية بأفكار لامعة.. ألم تنظم دبي الصحراوية مسابقات في التزلج على الجليد؟ فلماذا لا نفعل مثل ذلك وأكثر.. تنظيم راليات ومسابقات ورحلات طموحة تجوب مختلف مناطق البلاد.. أليست المملكة صاحبة أطول شاطئ على أجمل بحر (البحر الأحمر)؟ أليست صاحبة الجبال البكر التي يمكن أن تمنح المتعة الفائقة لعشاق التسلق إذا ما أحسن تجهيز الرحلات لهذا الأمر؟ وصاحبة الصحارى الثرية المليئة بالكهوف والمغارات لمحبي مغامرات الاستكشاف؟ ألا يوجد بالمملكة رجال أعمال كبار بثوا الحياة في مرافق سياحية حول العالم يريدون وينبغي أن يفعلوا المثل في بلادهم؟ إن صناعة السياحة حققت تقدماً كبيراً خلال فترة قصيرة وما زال أمامها طريق طويل لتقطعه ولذا فإن تنفيذ حلم السياحة الداخلية يحتاج جداً إلى اعطاء السائح الداخلي الأولوية القصوى حتى لا يفر خارجاً. [email protected]