بشكل أو بآخر فإن الهيئة العليا للسياحة تقوم بنشاط ثنائي يستحق الوقوف على تفاصيله وتتبع مراحله، فهي من ناحية تسوق للسياحة الداخلية عبر مهرجانات الترفيه والتسوق ومن ناحية أخرى تسير وفق خطة بعيدة المدى مضنية التفاصيل في تجميع وتصنيف وإعادة تشغيل المناطق السياحية في المملكة باختلاف انتماءاتها ونوعياتها.. والجهدان الحالي وبعيد المدى يستحقان الإشادة والتقدير ولكني أتمنى لو أخذت الأمور منحى آخر في عملية التسويق للسياحة المحلية واعتقد أن الأوان قد آن لهذا النوع من التسويق واعني به وضع البرامج السياحية وتيسير عمل منفذيها.. فالمملكة أرض واسعة تزخر بكل ما هو مثير وجميل ولابد أن الهيئة قد وقفت حالياً على أكثر أماكن المملكة تشويقاً وإثارة واستعداداً لاستقبال المصطافين، وفي المملكة أيضاً أُناس عاشوا وماتوا وهم لا يعرفون عنها إلا المكان الذي يعيشون فيه ومكة والمدينة ولو تيسرت لهم رحلات مجهزة ببرامج مسبقة لها خط سير معروف وترتيبات إقامة متدرجة المستويات على غرار رحلات الحج والعمرة لما ترددوا في الالتحاق بها مرة في العمر، فمن قمم جبال أبها إلى مزارع الطائف إلى بحر جدة إلى شواطئ الشرقية إلى آثار الجوف إلى الهواء العليل في حائل مروراً بأسواق الرياض والمدينة الصناعية بينبع.. من ذا الذي يرفض رحلة كهذه يتعرف خلالها على ربوع البلاد ويطمئن فيها على نفسه وأولاده ويمكن لهكذا رحلة أن تستغرق شهراً أو أكثر بشرط أن يكون الإعداد لها إعداداً متقناً يراعي كافة التفاصيل وبمبلغ مقتطع يدفعه السائح الداخلي مرة واحدة ويتلقى مقابله خدمة يتوقعها ويعود من رحلته بصور كثيرة وذكريات لا تنسى.. إن رحلات كهذه يمكن أن تقدم خيارات رائعة لمصطافي الداخل (والخارج أيضاً في مرحلة لاحقة)، فالراغبون في تسلق الجبال واكتشاف الكهوف والقنص في الصحراء ينبغي أن يجدوا طلبهم في أكثر من عرض والراغبون في الغوص واكتشاف اعماق البحار في البحر الأحمر أو الخليج العربي ينبغي أيضاً أن تتواجد لهم رحلات تحقق رغبتهم، وقس على ذلك الراغبون في الترفيه والملاهي والتبضع واكتشاف الأسواق أو زيارة الآثار والتعرف على حضارات الأمم السابقة وغير ذلك.. ولكي تنجح هكذا رحلات تحتاج إلى مرشدين سياحيين أكفاء بوسعهم التحدث بأكثر من لغة ولديهم جواب عن كل سؤال حول معالم بلادهم. إن الحيرة التي أراها عند كل باق في المملكة لا تسمح له ظروفه بالسفر إلى خارجها سوف تنتهي تماماً حين يصبح الصيف فرصة للتعرف على البلاد وتقوية أواصر الناس بها من خلال رحلة تضمنها الهيئة العليا للسياحة وتلتزم بجودتها وتحقق المتعة والفائدة فيها، هذا حقاً ما اعتقد أن الهيئة يجب أن تبدأ به. [email protected]