أغلقت المدارس والجامعات أبوابها قبل فترة قصيرة معلنة بداية فصل الصيف. العائلات والأفراد الراغبون في قضاء الإجازة في الداخل أو الخارج بدأوا الاستعداد المبكر لذلك بالتخطيط والسؤال سعياً وراء الحصول على قدر أكبر من الراحة والاستمتاع. لا يعنيني أمر من قرر قضاء إجازته في الخارج، وما يعنيني هو من عقد العزم على التوجه إلى مصايفنا أو غيرها من الأماكن، وهو من نطلق عليه (السائح في ربوع البلاد). هذا السائح جدير بالاهتمام والمساعدة وتوفير سبل الراحة له انطلاقا من حس وطني، وتشجيعا ودعما للسياحة الداخلية، ولكن هل هناك من يقول لهذا السائح (اقض إجازتك خارج بلدك) سؤال يثير الدهشة والاستغراب ولكن الإجابة عنه هي (نعم) في كثير من الحالات. هذه ال (نعم) يقولها كل من يقف في وجه تشجيع السياحة الداخلية. هذه ال (نعم) قالها أكثر من ثلاثة آلاف ومائتي مخالف لجميع الأنشطة السياحية وفقا للتقرير الذي أصدرته الهيئة العامة للسياحة والآثار، وقد شملت هذه المخالفات الفنادق والوحدات السكنية المفروشة ومنظمي الرحلات السياحية ووكالات السفر والسياحة، وخلال شهر جمادى الآخرة فقط، وهو شهر الاستعداد للسياحة، تم ضبط 134 مخالفة. كيف نخالف ونحن في بداية الطريق، وكيف نقدم على مخالفات بهذا التنوع والحجم في ظل سعينا لتشجيع السياحة الداخلية؟! صحيح أننا نريد للمستثمر الفردي أو المؤسسي أن يستفيد ولكن ليس على حساب ارتكاب المخالفة وتحميل السائح أكثر مما يحتمل. هيئة السياحة، وإن كانت حديثة عهد مقارنة بغيرها في الدول الأخرى، إلا أنها استطاعت أن تشق طريقها الوعر بخطى ثابتة ولا يزال أمامها الكثير لتقدمه للسائح من الداخل أو الخارج. هي وحدها لن تستطيع أن تفعل كل شيء ما لم تسندها القطاعات الأخرى والمواطنون الراغبون في الاستثمار السياحي. سمو الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة في اللقاء التلفزيوني الأخير مع سموه في برنامج (المملكة هذا المساء) وضع النقط على الحروف، وقدم نظرة تفاؤلية واعدة لمستقبل السياحة في المملكة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وجسد صوت المواطن السائح ورغباته حين يقول:(يجب أن تتاح لي الفرصة لأعيش في بلدي بتمتع). الإحصاءات تشير إلى تضاعف الإنفاق على السياحة من 35 إلى 70 مليار ريال خلال السنوات العشر الماضية، كما تشير إلى نمو متوقع بأكثر من عشرين في المائة سنويا خاصة في ظل الأوضاع المضطربة التي تشهدها الدول المجاورة، والتي كانت في السابق مقصداً لعدد كبير من السياح السعوديين. هذه المعطيات وهذه الظروف يجب أن لا تستغل بسلبية ارتكاب المخالفات وإنما بإيجابية الترويج للسياحة الداخلية فلدينا الكثير مما يستحق المشاهدة، وثقتنا في المستثمر السياحي كبيرة بأن يقدم لنا المتعة ولا يثقل كاهلنا بما لا نستطيع، ويجعلنا في النهاية نصرف النظر عن قضاء إجازتنا مرة أخرى في ربوع بلادنا.