مع اشتداد الأزمة السورية وازدياد الوطأة الطغيانية على الشعب عاد الحديث عن تاريخ الشام. استعيدت شخصية معاوية بن أبي سفيان بوصفها الشخصية المحورية لتاريخ الشام. بدأ هذه الاستعادة المفكر والشاعر السوري أدونيس الذي اتخذ موقفه من الثورة السورية طابعاً رمادياً هو بالنسبة للكثيرين غير مفهوم، وإذا كان أدونيس قد وصف عبدالله القصيمي بأنه "يقول كل شيء ولا يقول شيئاً" فهو عن الثورة السورية قال كل شيء ولم يقل شيئاً، أعاد أدونيس استعادة شخصية معاوية في جنيف ضمن مؤتمر "من أجل سوريا ديمقراطية ودولة مدنية"، أشار أدونيس في كلمته إلى الدور الكبير لمعاوية في بناء الدولة الإسلامية المدنية التي لا تتخذ من السلطة الدينية مشجباً ضد الشعوب. المفكر اللبناني علي حرب علّق على هذه الكلمة مؤيداً لها ومعيداً موضوع معاوية وذلك في مقالة له نشرت في فبراير من هذا العام حيث رأى أن معاوية:"استراتيجي من طراز رفيع، كما يشهد قوله لابنه يزيد عندما سأله: من يخدع من؟ أنت الذي تعطي الناس الأموال كي يبايعوك أم هم؟ فكان جوابه: يا بني من حاول خداعك فانخدعت له قد خدعته، مقدماً بذلك نموذجاً للسياسي البارع الذي لا يذيع كل ما يعرفه". بينما كان الدخول الأكثر وضوحاً والأدق مقارنةً مقالة كتبها وبإبداع مشاري الذايدي في مقالة له "شعرة معاوية وشعرة الأسد" والذي قال:" معاوية والأمويون من بعده كانوا يمثلون نكهة شامية خاصة، أحبها على وجه التحديد، نصارى العرب وبلاد الشام، لأنهم شهدوا في وقتها تسامح الأمويين مع المسيحيين العرب، وهذا مهم تذكره من «مدرسة معاوية» بالنسبة لبعض المتعصبين دينياً في بلاد الشام ضد الأقليات، فقد سلك الأمويون سياسة اتسمت باللين والتسامح مع المسيحيين". استعيدت إيجابيات الأمويين بعد أن رأى العالم هذا الدم من هذا الطاغية السوري، واستعيد التسامح بين المسلمين وسواهم في ظل الدولة الأموية بالشام على ما هو موضح في كتب التاريخ. ولا ننسى أن من أوائل من حلل نظرية معاوية السياسية هو محمد الجابري في كتابه "العقل السياسي العربي" وهو الجزء الثالث من مشروعه النقدي الشهير. بآخر السطر، فإن الشام يفتقد معاوية الذي يتشبث النظام بالعلاقة بإرثه وهو منه براء، لقد كانت الشام منارة في ذلك العهد وكتب التاريخ والروايات الموثوقة خير شاهد.