تواصل الباحثة الدكتورة أمل التميمي دورها البارز في دراسة السيرة الذاتية فقبل سبعة أعوام أخرجت للمتلقي دراستها التي حملت عنوان "السيرة الذاتية النسائية في الأدب العربي المعاصر" الذي نالت من خلاله درجة الماجستير في الأدب والنقد؛ واليوم تولي جل اهتمامها للتخصص عينه، إذ يأتي هذه المرة متطوراً مع روح المرحلة التي نعيشها، لذلك أصدرت التميمي كتابها الجديدة "السرد السِّير ذاتي في الأدب الوسائطي... السيرة الذاتية التلفزيونية أنموذجاً" . وقد جاء الإصدار عن نادي المدينةالمنورة الأدبي والدار العربية للعلوم ناشرون، والكتاب في مجمله يتخذ من السيرة الذاتية الشفهية المرئية موضوعا له، وذلك من برامج السرد السِّير ذاتي الوسائطي في التلفزيون مع درسها وتحليلها لكونها ظاهرة أدبية تشكلت في الخطاب الأدبي الوسائطي وهو أحدث ظاهرة أدبية جديدة في فن السيرة الذاتية، حيث تتغير خواص النصوص من نصوص مقروءة إلى نصوص مرئية يستقبلها المتلقي من خلال الصورة والكلمة المسموعة. يرى الباحث المغربي الدكتور سعيد يقطين في تقديمه للكتاب: بالنظر إلى موضوع كتاب الدكتورة أمل نجد أن فيه نوعاً من الجرأة العلمية والشجاعة الأدبية والمغامرة المنهجية؛ فهو انزياح عن موضوعات الأبحاث المكرورة لاعتبارات عديدة، وحين تنتبه التميمي إليه فهي تفتح نافذة جديدة للدراسة والبحث في المضمار الأدبي لقد عملت الباحثة على ربط السيرة الذاتية بالوسائط الجماهيرية وقدمت بحثاً توثيقياً ومستقصياً لخصوصية هذا السرد ووقفت على تجلياته وتحققاته المختلفة. من جانب آخر تؤكد التميمي في مقدمة الكتاب قولها: وتنبع أهمية الموضوع من كونه يتناول أهم إرهاصات التجديد في فن السيرة الذاتية من خلال الصورة والحوار واللغة الإعلامية وهي ظاهرة أدبية جديدة أسهمت في ظهورها عدة أسباب من بينها ظهور الاتصال الجماهيري عبر الفضائيات العربية والحياة التقنية المعاصرة، وتزداد أهمية هذا الموضوع حينما يتعلق الأمر بتراكم كمي غزير من برامج السيرة والأفلام التلفزيونية الواقعة دون أن نثير سجالاً نقدياً حول موضوع دراسة السيرة الذاتية المرئية. هذا وقد اتخذت الدراسة بعض القنوات الفضائية العربية مادة للدراسة وهي قناة الجزيرة وقناة المجد وقناة العربية وقناة الرسالة وقناة اقرأ وقناة الإخبارية وقناة الثقافية وقناة الاقتصادية.. اذ يعد الكتاب من الدراسات الجديدة في ميدان خصب بكر من ميادين الدراسات الأدبية والنقدية، أزعم أن سيأتي بعده جمهرة من الدراسات في هذا المجال ولكن الفضل للمتقدم. وقد ضم الكتاب مدخلاً مطولاً لظاهرة السيرة الذاتية الشفهية المرئية في الأدب الإعلامي المرئي ومسألة التجنيس، تلاه أربعة أبواب متوسعة وهي: السرد السِّير ذاتي في الوسائط الجماهيرية العربية، حيث تناولت في فصوله موضوع الأنا الأعلى في الأدب الإعلامي وكذلك وظائف السيرة الذاتية الشفهية المرئية وعوائقها وأيضاً مواضع التفرد والتميز في هذا النوع من الإنتاج الشخصي.. بينما حمل الباب الثاني خصائص السارد السِّير ذاتي وضم فصلين أحدهما خصائص فئات التصنيف، والآخر مواضيع المادة المحكية. أما الباب الثالث فيتطرق إلى أشكال النظام الحواري تحدثت فيه عن التنوع في سياسات البرامج السِّيرية وكذلك تقنية الصورة وجمالياتها في تقديم السارد السِّيري وأيضاً جماليات الإطار المكاني.. وصولا إلى الباب الأخير فقد كان عن أدبية خطاب السِّيرة في الإعلام المرئي ناقشت في فصوله الثلاثة السِّيرة الذاتية الشفهية المرئية بوصفها جنساً أدبياً في الخطاب الإعلامي، وتقاليد السِّيرة الذاتية في الخطاب الإعلامي المرئي، وكذلك اللغة والأسلوب. وقد أكدت التميمي في ختام كتابها أن برامج السيرة الذاتية في الفضائيات العربية هي بمثابة الصندوق الأسود للإنسان العربي الذي يحفظ كل ما يخصه من أسراد وآلام وأفراح، والإعلام يضع الأريكة لأصعب الحالات العربية لكي يجلس صاحب السيرة أمام الجماهير ويتكلم حيث الإعلام المتنفس العلاجي عما يعانيه الإنسان العربي.