تعج شوارعنا بالازدحام قبل أوقات الدوام بدقائق معدودة، مما يتسبب في ازدحام مروري، مُخلفاً أحياناً بعض الإصابات أو الوفيات.. كل هذا بسبب انعدام ثقافة الخروج المبكر من المنزل إلى العمل، وتزداد هذه الظاهرة في مدينة الرياضوجدةوالدمام، التي تعج بالإزدحام المروري اليومي. يلجأ الموظف المتأخر إلى السرعة من أجل الوصول للعمل وتبدأ "سيمفونية الأعذار"، التي تتجدد يومياً ب"الطريق زحمة"، أو "حادث مروري اعترضني"، أو "سيارتي تعطلت"، وفي الواقع يصحو الموظف قبل وقت العمل بدقائق معدودة، مما يجعله يفعل كل شيء بطريقة سريعة، وعند التأخير يُطرب آذان المديرين أو المسؤولين بسيل من الأعذار المتكررة!. وعلى الرغم من أن الحلول متاحة، بل وتضمن الخروج المبكر من المنزل إلى العمل، إلاّ أن هناك من يضع نفسه في مأزق التأخر، خاصةً في بعض المدن التي تزداد فيها الحركة المرورية في الصباح ما بين الطلبة والموظفين والعمالة، وكذلك طلاب الجامعات وغيرها. يترتب على تأخر الموظف تعطيل مصالح المواطنين (أرشيف «الرياض») ويرتبط الحضور إلى مقر العمل ارتباطاً وثيقاً ب"مهارة إدارة الوقت"، التي يفتقدها كثير من أفراد المجتمع، وهو ما يُحتم ضبط بعض العادات التي من أهمها النوم مبكرا، مما يُساعد على التغلب على مشكلة التأخر، فمن غير المعقول أن يذهب الموظف إلى فراشه الساعة الثانية صباحا ووقت جلوسه على كرسي العمل الساعة الثامنة صباحاً!. مشكلة منتشرة وقال "علي حبّان" -موظف-: إن غالبية الموظفين يتهاونون كثيراً في قضية الحضور إلى مقرّ العمل مبكراً، واضعين ذلك ديدنهم واستمروا عليه، مضيفاً أن هذه العادة من الممارسات الخاطئة التي تؤثر بشكل كبير على انتاجيتهم في أعمالهم، بل وتتسبّب في تعطّل كثير من الأعمال وكذلك المصالح، إلى جانب رفع معدل الازدحام في الشوارع والطرقات، مبيناً أن الخروج المتأخر من المنزل إلى العمل عادة منتشرة بكثرة في مجتمعنا، مشدداً على أهمية بحث الحلول اللازمة لحل هذه المشكلة، من خلال معرفة مسببات المشكلة من جميع أوجهها، ثم طرح الحلول الناجعة لها. د. منصور القطري استماع وحلول وبيّن "حبّان" أن طرح مرجعيات الموظفين في القطاعين العام والخاص المشكلة أمام موظفيها واستطلاع آرائهم، من الخطوات الإيجابية والمؤدية إلى اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها، ناصحاً بالاستماع إلى أهمّ المعوقات التي تقف أمام حضورهم المبكّر إلى العمل، ومحاولة إيجاد الحلول، لا توبيخ الموظف أو إنذاره وتحذيره، مؤكداً على أنه بعد هذه المرحلة يتبيّن للمديرين ويتبصرون بمشاكل موظفيهم، مع تمييز من يبحث بجدّية عن حل هذه المشكلة من الذي يتعمّد التأخر عن الحضور، مؤكداً على أنه بذلك أخلى المدير مسؤوليته، مع اتخاذ ما يراه مناسباً في حق الموظف المهمل. م. محمد المنصور سرعة جنونية وأرجع "محمد الفصيلي" -موظف- حالات التأخر في الحضور للعمل إلى العادات السلوكية التي اعتادها كثير من الموظفين، حيث يخرج بعضهم من مقر سكنه قبل عمله بدقائق بسيطة، ومن ثم ينطلق في الشوارع بسرعة جنونية من أجل الوصول في الوقت المحدد, متسائلاً: لماذا كل هذه المشكلات والسرعة التي قد تتسبب في حوادث ووفيات لا سمح الله؟, معتبراً أن من واجب المؤسسات الحكومية والخاصة تشجيع الموظفين للحضور مبكراً لوقت العمل، مع بيان المشكلات التي قد تحصل في حالة التأخير. علي حبّان حملة توعوية واقترح "الفصيلي" تنظيم عدة جهات حكومية حملة توعوية لتثقيف الموظف بالخروج المبكر من منزله؛ بهدف توعيته والحفاظ على سلامته وسلامة الآخرين, مشدداً على ضرورة إيجاد الحلول اللازمة للتخلّص من هذه العادة التي تتسبب في تراجع إنتاجية كثير من الموظفين وضياع أوقات ليست باليسيرة من فترة العمل، ناصحاً مديري العمل والمسؤولين أن يجتهدوا في إيجاد الحلول للتخلّص من هذه العادة، التي أشبه ما تكون باليوميّة، وهي بالتأكيد تؤثر سلباً على معدّلات الانتاج لأي جهة كانت. وأكدّ على أن عادة تنظيم أوقاتنا هي أحد الفنون التي نفتقدها في كثير من مجالات الحياة اليوميّة، وهي ما تُسبب ضياع الانضباط في المواعيد والالتزام، كقاعدة للسير عليها في جميع أمور الحياة. محمد الفصيلي تنظيم الوقت وذكر "الفصيلي" أن ما يشاهده الجميع من حالات تأخر عن الحضور إلى مقرّ العمل من الموظفين صباحاً مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإهمال الغالبية لعامل الوقت وكيفيّة الاهتمام به وتنظيمه بالشكل الأمثل والأنسب، مؤكداً على أن التجارب الناجحة لبعض الجهات إنمّا تنمّ عن الاهتمام الكبير بعامل الوقت وتوظيفه التوظيف الصحيح، مشيراً إلى أن هذه الجهات حرصت عبر إداراتها على تعليم منسوبيها كيفية الانتظام في المواعيد ومن أهمها الحضور والانصراف من العمل. وأضاف: نعاني في مجتمعنا من قصور الالتزام في الوقت وهو ما عاد علينا ببعض الإشكالات في جوانب مهمة، من أهمّها الحضور المبكر إلى العمل، مُشدداً على أهمية البدء في بحث حلول هذه المشكلة؛ للحفاظ على انتاجية الفرد والمجتمع ككل. إدارة الذات وقال "د.منصور القطري" -مستشار موارد بشرية-: إن عادة الحضور إلى مقر العمل باكراً من قبل الموظف مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمهارة إدارة الوقت، التي يفتقدها كثير من أفراد المجتمع، وهو نوع من أنواع "إدارة الذات"، مبيناً أننا في المجتمعات العربية نفتقد إلى هذه المهارة المهمّة جداًّ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "بورك لأمتي في بكورها"، إذن هي مهارة دينيّة وأخلاقية وشخصية، مشيراً إلى أن الإنسان عبارة عن مجموعة من العادات التي اكتسبها التي شكّلت شخصيته. وأضاف أن حضور الموظف باكراً إلى مقر عمله من السمات التي تميزّت بها المجتمعات الحضارية الحديثة، حيث إن من عادتهم الصحيّة النوم باكراً وكذلك الاستيقاظ باكراً، مما ينتج عن ذلك كثير من العادات والتصرفات السليمة من الفرد، وهو ما يدل على احترامه للعمل والآخرين. إجراء احتياطي وأوضح "د.القطري" أن الشخص الذي ينام باكراً ويصحو باكراً نجده متسامحاً إلى حد كبير، ويتميّز بذهنٍ صاف يمكنه من قضاء نهار عمله على أكمل وجه، وعلى العكس تماماً من اعتاد على التأخر في نومه، فتجده بعد حضوره المتأخر إلى مقر عمله ثقيل النفس، وضعيف التركيز، مقترحاً أخذ الاحتياطات اللازمة صباحاً حال الحضور إلى العمل، ومن أهمّها إضافة نصف ساعة كإجراء احتياطي لأي طارئ قد يحدث -لا قدر الله- خلال التوجّه إلى مقر العمل، مبيناً أن من أهمّ العوائق صباحاً التي تتسبب في تأخر نسبة كثير من الموظفين هي الحوادث المرورية، والتي تكلّف سنوياً ما يقارب (13) مليار ريال. وأضاف: ضبط عامل الوقت يساعد كثيراً على ضبط سلوك الفرد إلى حد كبير، بل ويساعد الموظف على التخلّص من مظاهر الحدّة والتوتر التي نراها طاغية على الكثير من مرتادي الطريق صباحاً، مؤكداً على أن هناك العديد من النتائج السلبيّة التي تقع نتيجة تأثر الموظفين أو بعضهم عن العمل صباحاً، ومن أهمّها التأثير على الدخل والإنتاج. أهمية الحوافز وأشار "م.محمد المنصور" إلى أنّ فرض الانضباط يعتمد بشكل كبير جداً على الثقافة السائدة في المنشأة، وأنها المكان الأمثل والأنسب لنشر مثل هذه العادات السلوكيّة، مضيفاً أن المسؤولين ومديري المنشآت هم أصحاب هذه المبادرة في ضبط تصرفات الموظفين، التي من أهمّها الحضور المبكر إلى مقرّ العمل، مع إعادة ضبط الساعة "البيولوجية" لدى كثير منهم، الذين اتخذوا من التأخير في الحضور صباحاً عادة وسمة قُرنت بأسمائهم وشخصياتهم. وأضاف أن الحوافز من أهم العوامل المساعدة في تعديل هذا السلوك وتقويمه، فهي مهمّة جداًّ من أجل الدفع بالموظف نحو تحسين أدائه الوظيفي، وكذلك تقويم سلوكه بشكل عام.