يحيرني قيام الأجهزة الحكومية وبعض القطاعات الأهلية بتغيير مواعيد العمل في شهر رمضان المبارك وتأخير بدء ساعات الدوام الرسمي ليكون من العاشرة صباحاً وأتساءل دوماً لماذا يتم هذا الإجراء في استقبال شهر رمضان وكأنه شهر كسل ومعوق للعمل حتى إن بعضهم بات يعتقد أن ذلك من ضروريات الصيام؟! لم لا نتعامل مع الشهر الفضيل بشكل بوعي حتى لا يسهم ذلك في انخفاض مؤشرات العمل والإنجاز المعتاد، لأن تأخير مواعيد العمل أصبح مرهقاً لجميع العاملين والعاملات في مختلف قطاعات الدولة، ويسبب ربكة في وتيرة العمل، وفي الانضاط المعتاد في مختلف مواعيد الأنشطة الحياتية المختلفة. قبل أيام راجعت قطاعا خدميا وصعقت من عدم وجود الموظفين سوى شخص واحد وضع لاستقبال المراجعين للإجابة عن استفساراتهم أو بالأحرى (تصريفهم). ربما لا ألوم الموظفين والقي كامل اللوم على الأنظمة ومواعيد العمل التي خصصت لشهر رمضان، فتأخير مواعيد العمل أصبح مرهقاً لجميع العاملين والعاملات في مختلف قطاعات الدولة، ويسبب ربكة في وتيرة العمل، وفي الانضباط المعتاد في مختلف مواعيد الأنشطة الحياتية المختلفة، وأرى أن العمل من السابعة والنصف حتى الثانية والنصف - في شهر رمضان محفز للتعامل مع هذا الشهر من الناحية العملية كبقية الأشهر، فنظام الدوام وإبقاء ساعات عمل الأجهزة الحكومية كما هي حالياً من شأنه أن يخفف كثيرا من السلبيات كحالة الازدحام المروري. إن هناك أصواتاً عالية تطالب ببقاء مواعيد العمل والدراسة كما هي في باقي الأيام حتى يتم تجاوز إشكالية الإنتاجية والعمل اتساقاً مع المتغيرات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، وبخاصة أن أكثر الفئات تضرراً من تغيير ساعات العمل في رمضان هن الموظفات، فأغلب وقتهن يهرد في مشاوير الحضور إلى العمل والانصراف، وفي الازدحام المروري الكثيف على الرغم من ارتباطهن بأعباء ومسؤوليات أسرية أخرى في منازلهن. ظاهرة التكاسل عن العمل في شهر رمضان أصبحت عادة راسخة في أذهان كثير من أفراد المجتمع ولا يمكن تغييرها إلا بتغيير سياسية وميكانينية عمل الأجهزة الحكومية والخاصة ودحض العلاقة بين شهر رمضان المبارك، والتقاعس، وتدني الإنتاجية لما يتميز به هذا الشهر الكريم من فضل كبير وفترة زمنية محدودة ينتظرها المسلم كل عام، وأفضل دلالة على ذلك قول الرسول الكريم (سيد الشهور.. شهر رمضان). المسلم لا يمكنه قبول مثل هذه العلاقة السلبية المتكونة لدى بعض فئات المجتمع وبين هذا الشهر الذي يأتي في فترة زمنية محدودة ينتظرها الفرد المؤمن ليستثمرها في تدريب نفسه واكتساب عدد من العادات والخصال الحميدة التي يجاهد نفسه على الاعتياد عليها في رمضان، ثم يفتقدها خلال الشهور المنصرمة، سواء كان ذلك في الجانب الديني أو الاجتماعي. ومن حيث الجانب العملي فهناك صور ذهنية تكونت لدى بعض من شرائج المجتمع تتركز في الإهمال وضعف الإنتاجية، إلا أنها لا تنسحب على كافة الأفراد فمن هذه الفئات من يثابر ويجد ويجتهد بما توافر له من وقت ومن إمكانات خلال هذا الشهر الكريم، وأوكد أن الصورة الذهنية السلبية تكونت عن العمل في هذا الشهر لعدة عوامل عززت هذا الجانب ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: - الفترة الزمنية المحدودة للعمل التي يختص بها الشهر الكريم، سواء أكان على مستوى عدد أيام الشهر الكريم أم الساعات مقارنة بالشهور الأخرى. - انصراف الذهن الكلي لدى بعضهم لقضاء أوقات هذا الشهر الكريم في أعمال أخرى قد لا تمت للعمل بصلة، ما يؤثر في الإنتاجية. - ارتباط ذلك الشهر الكريم عادة بفترة تشير إلى قلة العمل وهي فترة الاجازات السنوية. - تأثر العاملين في هذا الشهر بالعديد من المتغيرات المحيطة بهم التي تؤثر في أداء عملهم كتغير وقت العمل، وتغير وقت النشاط. إن مثل هذه العوامل السابقة الذكر عززت من التسيب في العمل تدني معدلات الإنجاز لدى بعض أطياف المجتمع، ووصمهم لهذا الشهر بأنه شهر الخمول والكسل وهذا بسبب عدد من الممارسات الخاطئة وعدم تقدير العمل، ومن المنطق أن تكون المشكلة ليس في الشهر الكريم، إنما هي مشكلة سلوكية لدى الأفراد وانطباعات ينبغي تصحيحها إلى الأفضل، وذلك فإن شهر رمضان هو مثل الشهور الأخرى، وأن هذا الشهر الكريم يحفز على أداء العمل وإتقانه واستثمار وأوقاته بكفاءة ما يؤثر في إنتاجية العمل. ولعل من أهم الحلول لتغيير الانطباعات السلبية عن هذا الشهر الكريم ويجب غرسها في نفوس الموظفين استحضار عظمة هذا الشهر الكريم، وفضله على سائر الشهور الأخرى، وما يتميز به من منافع وفوائد كبيرة للمسلم، الذي ينبغي أن يعكس هذه الخصال الحميدة في سلوك أي فري من حيث إتقان واخلاص العمل واستثمار الوقت بكفاءة، والعمل على زيادة الإنتاجية وتجويد العمل.