استعدت جدتي للعيد ولِزرع البسمة في وجه أحبابها ولكن المرض أسقطها قبل العيد. فَلم نشعر بطعم العيد ولا ببهجته وهي ليست معنا. فكان عيداً حزينا وكئيباً على قلوب كل من عرفها فسقوط شامخة مثلها انكسار للقلب وللروح. سقطت جدتي ولكنها لم تمت لان الله رحيم يدرك عظيم حُبها في قلوبنا فَاقتضت مشيئته أن يُدربنا على رحيلها قبل أن ترحل. فَعاشت معنا شهرين طريحة الفراش صامتة لا تستطيع البوح بِوجعها ولكن نظراتها كانت تحكي الكثير من الأسى. وكم هو مؤلم النظر إلى قلة حيلة شخص غالٍ لا تستطيع أن تقدم له شيئا سوى الدعاء. مضت ايام هذين الشهرين ثقيلة على قلوبنا ولكننا كنا نرتجي فيها أن جدتي ستقهر المرض وستعود قوية كما عرفناها، ولكن الله قضى أمره بأن تغادر جدتي الدنيا بِمرضها في آخر يوم من شهر محرم في ليلة الجمعة وفي يوم اجتمع فيه كل أحبابها أمامها وهم لا يعلمون بأنه اليوم الأخير الذي تعانق فيه نظراتهم جسدها الطاهر الذي أنهكه المرض. رحلت جدتي طيبة الصفات وخلفت وراءها سيرة عطرة يذكرها الصغار قبل الكبار. رحلت وغصة تستكين في قلوبنا حُزناً على فراقها ولكن عزاءنا في رحيلها لقاء في الجنة لا فراقَ لهُ بإذن الله.