كانت سواتي (18 عاما) تلميذة متفوقة. لكنها خشيت ان تكون قد رسبت في امتحانات آخر سنة دراسية لها، فشنقت نفسها قبل بضع ساعات من اعلان النتائج. اما ارونا (17 عاما) فانتحرت بتناولها مبيدا للحشرات بعد ان علمت برسوبها. تتحدث الصحف الهندية بانتظام عن مثل هاتين الحادثتين: مراهقون ينهارون لدرجة الاقدام احيانا على الانتحار بسبب خوفهم من الرسوب في المدرسة وتخييب آمال ذويهم المتطلبين بعض الشيء، ما يعكس ظاهرة متزايدة بدأت تقلق السلطات في الهند. ففي نيودلهي، يظهر استطلاع للرأي اجري في 150 مدرسة ان 40 بالمائة من التلامذة يشعرون ان الامتحانات تصيبهم بالارهاق. ويظهر استطلاع آخر اجرته المنظمة غير الحكومية «ساهيوغ» وشمل 850 مراهقا ان57 بالمائة منهم يعانون من الانهيار و9 بالمائة حاولوا الانتحار العام الماضي. ويقول الطبيب النفساني في مستشفى ابولو سانديب فوهرا ان هذه الظاهرة بدأت تتزايد منذ خمس سنوات، لا سيما عند التلاميذ الذين ينتمون الى الطبقة الوسطى. فالوالدان اللذان يحلمان ان يعيش اولادهما الحياة الرغيدة التي لم يحظوا بها والتي تعكسها وسائل الاعلام في الهند حيث معدل الولادة مرتفع جدا يضغطون بشدة على ابنائهم ويساندهم في ذلك المدرسون. ويقول الطبيب النفساني «منذ عمر السنتين، يخضع الاطفال الى المنافسة ويتم تقييمهم بحسب علاماتهم: اذا كانت جيدة فهم ابناء صالحون اما اذا كانت سيئة، فهم عار على العائلة». والامتحان-الكابوس بالنسبة للتلامذة هو ال«سي بي اس اي» (رديف البكالوريا)،فاذا لم يحصلوا على علامة 90/100، لن يستطيعوا الالتحاق بأعرق معاهد التجارة والتكنولوجيا وهي افضل سبيل لاحتراف مهنة. وتقول اكريتي (16 سنة) وهي تلميذة في ثانوية لورينتو كوفي حيث معظم الثانويين يتابعون يوميا دروسا خصوصية «يجب الحصول على افضل العلامات وأفضل تصنيف والالتحاق بأفضل معهد». وتقول صديقتها نيدي (16 سنة) ان «الضغط يأتي من الجميع، من الوالدين والمعلمين والاصدقاء ووسائل الاعلام. ومن يحصل على علامات سيئة قد يصاب بانهيار او ينتحر»خاصة ان حياة التلامذة محصورة بالدراسة والعزلة. وتشير التلميذتان انه في ثانويتهما انتحرت مراهقة بتناولها السم بعد ان حصلت على علامة 50/100. وتقول نيدي «هذه الفتاة تركت رسالة تعتذر فيها من والديها لأنها لم تدرس بشكل جيد. وفي حالة اخرى، قفزت ام من الطابق الثالث بعدما اعتقدت ان ابنتها رسبت في الامتحان». وكرست صحيفة «انديا تودي» مؤخرا ملفا حول هذه الظاهرة تحت عنوان «الامتحانات القاتلة»، كان له صدى ايجابي لدى التلامذة الذين شكروا الاهتمام بمشكلتهم. وتقول ميتري في الصف الثاني عشر (اي صف البكالوريا) «ان قلق الاهل وضغط الاصدقاء والخوف الكبير والتوتر المستمر جعلت حياتنا تعيسة. فعلينا مواجهة الكثير من الذل في حال لم نحصل على نتائج جيدة». لكن بالنسبة للأهل الذين يحلمون بأن يصبح ابناؤهم مصرفيين او خبراء معلوماتية او اطباء او مهندسين، فإن مسألة الارتقاء الاجتماعي بالغة الاهمية. وتعترف اندريا راج (36 سنة) التي تعمل كمدلكة وتدفع راتبا باهظا لمدرس خاص لابنها البالغ من العمر 15 سنة بأنها قد تكون تبالغ بعض الشيء. لكنها شعرت طوال حياتها بأن الناس يعاملونها «اقل من نكرة» لأنها اوقفت الدراسة في الصفوف الثانوية. وتقول «اريد ان ادفعه ان يصير مهندسا ولا اريده ان يشعر بالعار الذي شعرت به». واسترعت هذه الظاهرة انتباه وزير تطوير الموارد البشرية ارجون سينغ الذي يود اطلاق نقاش وطني حول الموضوع. وأعلن بعد اسبوع على بداية السنة الدراسية انه تم اتخاذ اجراءات «للتخفيف من ضغط» امتحان ال«سي بي اس اي»، لا سيما من خلال اطالة مدة الامتحان.