بعد طول انتظار وتأجيل لعدة اشهر، انطلقت في العاصمة اليمنية صنعاء فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يناقش تعقيدات اليمن المختلفة. وقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إن القضية الجنوبية هي المحور الأساسي للحوار الوطني الذي افتتح امس بحضور الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني. وامتدح هادي تضحيات الشباب خلال العامين الماضيين، كما اعترف بفشل القيادة السياسية المتعاقبة على اليمن خلال العقود الماضية في بناء دولة حديثة. وخطاب هادي اعضاء مؤتمر الحوار الذي يستمر ستة اشهر بمشاركة 565 مندوبا يمثلون القوى السياسية والاجتماعية المختلفة :" قضيتكم المحورية والأساسية هي القضية الجنوبية وهي المفتتح لمعالجة كافة القضايا". وقال: تم اختياركم بعناية كبيرة، لا لتكونوا فرقاء متخاصمين، بل فريقاً واحداً يعمل بكل صدق وإخلاص لإخراج اليمن من أزماته الأمنية والسياسية والاقتصادية. ودعا هادي المشاركين في الحوار وبينهم قيادات في الحراك الجنوبي على الرغم من مقاطعة البعض للحوار إلى البحث بجدية عن حلول لمشاكل البلد، محذراً في الوقت ذاته من فرض أي تصورات بالقوة. وقال هادي :أي تفكير لفرض أي تصور (...) بالقوة المسلحة لن يقود إلا إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير". وقال هادي وهو رئيس مؤتمر الحوار الوطني، إن حل القضية الجنوبية سيقود إلى صياغة عقد اجتماعي جديد. وخاطب أعضاء الحوار "نريد منكم دستوراً يخرجنا من كل ذلك، تكتل المشترك يتحفّظ على قائمة المشاركين .. وابن عمر ينفي أي طبخة جاهزة لحل القضايا ويكفل لأبنائنا وأحفادنا أسس المعيشة الإنسانية الراقية." وذكّر بمجزرة جمعة الكرامة التي وقعت في الثامن عشر من مارس في عام 2011 حين قتل قناصة ومسلحون موالون للرئيس السابق علي عبدالله صالح اكثر من خمسين متظاهرا في ساحة التغيير بصنعاء. وقال الرئيس اليمني : "تشاء الأقدار (...) كان قبل عامين يوماً فارقاً في ملحمة التغيير اليمانية، باستشهاد ذلك العدد الكبير من شباب اليمن الطاهر، ذلك الحدث الذي زلزل ضمير اليمنيين جميعاً، والعالم كله، فكانت البذرة الأولى للحل السياسي" - المعروف بالمبادرة الخليجية- ، ناتجاً بذلك اليوم الدامي. وأضاف: اليوم سيكون هو الآخر لحظة مفصلية خالدة في تاريخ اليمن. وزاد فأما أن يمضي اليمانيون نحو فجر جديد ومستقبل مشرق، أو العودة -لا سمح الله- إلى نفق مظلم لا تقوم لليمنيين بعده قائمة. ودعا الرئيس هادي المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني إلى فتح صفحة جديدة والتخلص من موروثات الصراع الماضية، طالباً منهم ألا يستحضروها إلا لأخذ الدروس والعبر والعظات، وأضاف: عليكم فتح صفحة بيضاء بقلوب مخلصة، وترك مكايد السياسة خارج قاعات الحوار، وأن تتمسكوا بنبل شباب اليمن الأطهار الذين انطلقوا في مختلف الساحات في البلاد ليعبروا عن نيتهم الصادقة في بناء دولة مدنية. واقر هادي بفشل القادة السياسيين خلال العقود الماضية، منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر مطلع الستينات، في بناء دولة مدنية حديثة، معبراً عن أمله في المتحاورين بأن يخرجوا ببناء أسس دولة مدنية حديثة تقوم على الشورى والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وتستمد قوانينها من شريعتنا الإسلامية الغراء التي تتصف بالمرونة والعدالة وترفض الغلو والتطرف وتلتزم حقوق الإنسان وتكفل الاجتهاد وتحترم العقل وتشجع التفكير وتكرس قيم العدل والمساواة. واثناء القاء امين عام الحوار كلمته وتأكيده ان دعم المجتمع الدولي للمؤتمر يمثل احد ضماناته ، اعترض احد ممثلي حركة الحوثيين وعلى تدخل الدول الخارجية واهمها امريكا في اليمن، وحدثت مشادات في القاعة بعد محاولة احد الحراس اسكاته، ما دفع بالرئيس هادي الى القول ان على الذين لا يعجبهم الحوار مغادرته. وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وصل في اللحظات الأخيرة للجلسة الافتتاحية، وقال في كلمة موجزة فور وصوله إن خللاً فنياً في الطائرة التي أقلته أجبرها على العودة إلى الرياض مرة أخرى لإصلاحه، قبل أن تقلع مرة أخرى باتجاه صنعاء. وكان جمال بن عمر اعلن دعم الاممالمتحدة والمجتمع الدولي لهذا المؤتمر ، نافيا اي يكون هناك اية طبخة جاهزة فيما يتعلق بحلول القضايا التي سوف تناقش وابرزها قضية الجنوب في ظل ارتفاع الدعوات المطالبة بالانفصال، علاوة على قضية صعده، المصالحة الوطنية،العدالة الانتقالية، بناء الدوله والحكم الرشيد، اسس بناء الجيش والقوى الامنية، تشكيل لجنة صياغة الدستور، الحقوق والحريات، والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية بهدف ايجاد حلول توافقية لها والخروج بعقد اجتماعي جديد لكل اليمنيين. وعشية المؤتمر أعلن تكتل أحزاب اللقاء المشترك تحفظه على قائمة المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الذين اختارهم الرئيس عبدربه منصور هادي، إضافة إلى قوائم الشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني التي تولى أيضاً اختيارها.