لا أتوقف عند البيان الختامي لوزراء الداخلية الجيد المضمون والواضح الغايات المطلوبة.. لكن بوجود هذا المضمون؛ أحب أن أتناول طبيعة أوضاع بعض الدول العربية من الداخل أو مؤثرات ما يأتي من الخارج.. في الحقيقة؛ ومع تعدّد ما في العالم العربي من اختلافات ومشاكل، إلاّ أن بيان المؤتمر الختامي كان دقيق الاتجاه إلى مواقع المخاطر القائمة، والمهم في ذلك رغم ما نعرفه من وجود خلافات عربية إلاّ أن توجّه البيان إلى واقع الوضع القائم حالياً والبعيد جداً عما هو مطلوب من استقرار وأمن ممارسة معيشية من شأنه أن يضاعف قدرات المواجهات الإيجابية، ويوفّر ما كنا نراه صعب المنجزات.. جانب إيجابي آخر يتعلق بالإدانة العدوانية عندما لا نجد هناك انعزال أطراف من مهمة إدانة إيران في إقلاق الاستقرار داخل البحرين واليمن، خصوصاً وأن لإيران محاولات توغّل في بعض المداخل العربية.. نخرج من كل هذا ونأتي إلى المؤثرات الحقيقية لبعض الفئات الأفريقية التي تحاول أن تستوطن بالدرجة الأولى داخل أي جوار عربي، وفي درجات أخرى تتعدّد محاولات التوغّل داخل جوارها العربي بنزعات إجرامية تمارس التهريب من ناحية، وتمارس تمرير المخدرات باختلاف أنواعها، ولا تتوقف في هذا المجال عند جهدها الخاص، فهي تجد متعاونين معها من داخل الوطن الذي دخلت إليه.. إن ظاهرة الثراء الجيد ومنطلقات التطوير الحضاري في بعض دول محدودة، بينها المملكة، قد أتى بفوارق هائلة وتباعد كبير بين مستويات وعْي التطوير ومستويات الرغبة في البقاء داخل مجاهل التخلّف والابتعاد عن مسار التوجّهات الإيجابية.. هنا تأتي المخاطر وسط خليط من تنوع احتراف الجريمة وسهولة إشاعة كل ما هو مرفوض.. من حقنا أن نفكّر.. لكن من حقنا أيضاً أن نطمئن على وجود المستقبل الأفضل.. ألسنا أفضل دولة في العالم واجهت نظام القاعدة وألحقت به كل الهزائم؟.. ألم نقرأ في صحفنا المحلية في الأيام القريبة عدة أخبار تشير إلى تعدّد قدرات القبض على مئات من المتسللين بعضهم من هويات غير عربية ولم يتمكنوا من توفير أي استقرار لهم لتمرير محرمات مرفوضة.. نأتي إلى ظاهرة ثالثة تتضح في دول عربية أخرى، حيث إن هذه الدول كانت - ومنذ ما قبل أزماتها الراهنة بسنوات غير قليلة - تعاني من قسوة امتداد الفقر.. ظاهرة الجوع.. وعندما أتت هذه الأزمات وتوقّف مسار تلك المجتمعات نحو تصحيح أوضاعها ومواجهة تزايدها السكاني بوجود تزايد اقتصادي نجد أن هؤلاء البائسين.. مهما حصلوا من لقب تسفيه بهم.. نجد أنهم لم ينطلقوا بتأثير من دوافع حزبية أو من مؤثرات سياسية، وإنما انطلقوا للبحث عما يوفّر لهم غذاء اليوم.. هذه حقيقة، ويجب أن تعامل بوضوح، حيث لن تتوفق مواجهتها إلاّ إذا كان الاتجاه نحو حقائق المؤثرات في سلوكها..