يشكل مركز الاعتقال المؤقت رقم 1 والسجن رقم 19 في منطقة ايركوتسك في سيبيريا نموذجين للشوائب الكثيرة التي يعانيها نظام السجون في روسيا وفي مقدمها قِدَمه واكتظاظه، ويعكسان ايضا الصعوبة التي تواجهها عملية اصلاحه بمساعدة الاتحاد الاوروبي. جدران الاروقة متشققة او مشادة من كتل اسمنتية غير مترابطة ودون طلاء، وفي زنزانة واحدة لا تتجاوز مساحتها 50 مترا مربعا يصادف المرء 18 سجينا حليقي الرؤوس. الجو حار والهواء رطب، الحمامات تفتقر الى ابواب والروائح الكريهة تتصاعد منها على الدوام، على الواح صغيرة علقت على الجدران بعض الكتب وفوق المغسلة فرشاة اسنان ومعجون للتنظيف. ويعلق المدافع عن حقوق الانسان فاليري بروشتشيف وهو خارج من الزنزانة «ان يتمكن السجين من النوم دون ان يتولى المناوبة او دون ان يضطر الى الاستلقاء على الارض يشكل في ذاته تطورا كبيرا»، علما ان هذا الناشط زار المكان قبل عشرة اعوام. انشئ مركز الاعتقال الموقت رقم 1 في ايركوتسك في سيبيريا عام 1861 وشيد القسم الاكبر منه عام 1902، ويضم 2180 سجينا فيما قدرة استيعابه لا تتعدى 1501. المساحة المخصصة للنزهات داخله اصغر من الزنزانة التي غادرناها لتونا. وفي اسفل المبنى قسم اخر معزول يضم زنزانات للحبس الانفرادي. المحامي سيرغي بروفتشينكو الذي رافقنا في جولتنا اعتقل سبعة اعوام وكان «نزيل» هذا المركز عامي 1998 و2002. يتذكر «جرذانا في حجم القطط» كانت تتنزه في زنزانة مساحتها 9 امتار مربعة دون نوافذ وتضم 17 سجينا. لكنه يتدارك «الوضع اليوم افضل بكثير». ومن جهته يتذكر بروشتشيف «الرطوبة غير المعقولة عام 1994 التي تسببت بانتشار داء السل» الذي كان يعاني منه في بداية كانون الثاني/يناير 2005 50 الفا و915 سجينا من اصل 760 الف معتقل في كل روسيا. ويقول مدير السجن بوريس سافيليف الذي يطمح الى اعادة تأهيل المكان خلال ثلاثة اعوام بكلفة 150 مليون روبل (4,33 ملايين يورو) «جرذان؟ انها طبعا هنا ونكافحها باستمرار لكنها لم تعد موجودة في الزنزانات». شيد سافيليف العام الماضي جناحا جديدا للسجناء يضم صفا ومكتبة وحمامات بمواصفات ممتازة. وتقول البريطانية جيل برلياند المكلفة تفقد السجون في اطار برنامج اوروبي «كوني اتية من بريطانيا فان اكثر ما اذهلني ان المعتقلين الموقتين يتلقون معاملة تكاد تكون اسوأ من تلك التي يتلقاها المحكومون، فقد صادفنا معتقلين منذ ثمانية اشهر لم يحدد الى الان موعد محاكمتهم». وتضيف «لكن الجناح الجديد والعمل الذي يقوم به المدير مثاليان، انه صادق فعلا وتركنا نشاهد كل شيء، الجيد والسيىء، وقد تحدثنا الى السجناء». والخلاصة ان الوضع يختلف كليا عما شاهدته في موسكو قبل 18 شهرا حيث تفقدت احدى الزنزانات. ويعلق بروشتشيف هازئا ان «الانطباع كان كارثيا، حتى ان الموظفين بالغوا في رد فعلهم وسارعوا الى ادخال عربة مليئة بالطعام الى الزنزانة». يشكل السجن رقم 19 للعقوبات المشددة ارثا من الاتحاد السوفياتي السابق، وشيد عام 1972 بهدف تشغيل السجناء في اقامة معمل حراري لتوليد الكهرباء في جواره، ويضم حاليا 1100 سجين علما ان قدرة استيعابه تناهز 1600. ويضم راهنا قاعة لاجهزة الكومبيوتر وصالة مسرح كبيرة ومشتلا وكنيسة وملعبا لاولاد الزوار ومقهى صغيرا. وفي السجن كما في مركز الاعتقال الموقت عنوان واضح لتلقي الشكاوى.