أذكر بأنني قد كتبت هُنا منذ زمن نسيتُ متى عن تجربة ماليزيا في تعقّب المخالفات والحد منها. الفكرة كانت عبارة عن إنشاء قائمة أسموها (قائمة العار) يوضع فيها أسماء وصور مرتكبي المخالفات المرورية ونشرها في موقع على شبكة الانترنت للتشهير بهم. أشارت التقارير بعد التطبيق إلى انخفاض نسبة ارتكاب المخالفات خوفاً من الفضيحة أمام المجتمع. عاد مُسمى (قائمة العار) مرة أخرى إلى الواجهة بعد اشتعال الثورات العربية التي وُصِفتْ بالربيع العربي الذي لم نلمس منه حتى الآن غير مستقبل خريفيّ مجهول الملامح. ما علينا، أقول قامت بعض القوى الشبابية في تلك البلدان بإنشاء قوائم للعار حسب وجهة نظرهم ضمّت أسماء شخصيات معروفة من فنانين وإعلاميين ورجال أعمال وساسة ولاعبي كُرة قدم. كان السبب في حشر أسماء هؤلاء في القائمة هو مواقفهم الضديّة من الثورات حسب مقاييس ضبابية. البعض من تلك الأسماء دافعوا عن مواقفهم والبعض الآخر لاذ بالصمت انتظاراً لاستقرار الأوضاع ومعرفة ما ستؤول إليه الأمور. ليس هذا في الحقيقة هو ما دعاني لأكتب مرّة أخرى عن (قوائم العار) ولكن لمناسبة الأحداث الجارية وجب التنويه عنها. حين تمعّنت في الأمر مجدداً ورد إلى ذهني فكرة ربما تكون ذات فائدة في السعي لمكافحة الفساد الذي أعلن عن وجوده في بلادنا قائد هذه الأمّة الملك النبيل عبدالله بن عبدالعزيز. فلقد تعارف الناس هُنا على قبول عدم التشهير بالمجرم أو الفاسد أو المنحرف ولهذا يطالب البعض بالستر والتستر على الأسماء ولولا أن وزارة الداخلية تُعلن عن تفاصيل جرائم القتل وأسماء مرتكبيها والأحكام الصادرة بشأنهم بعد تنفيذ حكم القصاص لما ارتدع البعض عن الشر والتعدي على حياة الآخرين. البعض من المُرتدعين لم يك ترددهم عن فعل الجريمة خوفاً من العقاب فقط ولكن من أن يُلصق العار من بعده بأهله واسم عائلته أو قبيلته أو حمولته. الغريب والحال كذلك أن تتردد الكثير من الأجهزة الرسمية وبعض وسائل الإعلام في التشهير باسم تاجر فاسد غشاش أو مصنع ينتج مواد غذائية أو مشروبات فاسدة أو متجاوزة لشروط سلامة البشر أو مستشفى خاص أو عام استهتر بصحة وحياة الناس الخ..الخ. من هُنا فإنني أطرح فكرة إنشاء (قائمة للعار) تُسند إلى هيئة مكافحة الفساد بحيث تضم كل من يثبت عليه قضايا فساد من أفراد أو مؤسسات وأجهزة أو شركات وهيئات وتُنشر هذه القائمة في موقع الهيئة ويتاح للعامّة الاطلاع عليها وتداولها في وسائل التواصل الاجتماعي الاليكتروني حتى يحسب الفاسد ألف حساب من أن يُلحق العار بمن هم تحت ولايته ومسؤوليته. يقول "نيتشه" من أجل السمعة من منّا لم يُقدّم ذاته قرباناً على مذبح الصيت الحسن.