ذكر المنشد المعروف سعد اليامي في حوار تلفزيوني أنه قام خلال المزاينات التي أقيمت مؤخراً بإنشاد أكثر من 120 قصيدة، وأن أقل مبلغ يطلبه من أصحاب المنقيات نظير إنشاد أي قصيدة هو 40 ألف ريال، ومعرفة ثمن إنشاد كل قصيدة كفيل بإزالة العجب من تدفق شلالات الشيلات خلال الفترة القريبة الماضية سواء من خلال الإصدارات الصوتية الخاصة أو المشتركة أو من خلال القنوات الشعرية، وكذلك يكشف لنا العلم بأرباح بعض المنشدين السر في اندفاع الكثير من الأصوات النشاز لدخول ساحة الإنشاد ..! استفادة المبدع من موهبته استفادة مادية أو إعلامية واستثماره لها أمر مشروع لا يحق لأحد الاعتراض عليه، ولا يمكن الاختلاف على أن كثافة الطلب على إبداع شخص ما دليل على تميزه ونجاحه كما في حالة المبدع سعد اليامي، لكن الأمر السلبي في مسألة إنشاد قصائد المنقيات تحديداً هو أنها تتشابه إلى حد كبير مع قصائد المدح من ناحية نجاحها المؤقت وبعد ذلك لا يكون لها أي قيمة مهما اجتهد المنشد في تلحينها وأدائها ومهما كان مستوى الإبداع فيها، خلافاً لإنشاد القصائد في الأغراض الأخرى التي تجد قبولاً من شريحة أوسع من المتلقين وأجزم أنها قادرة على البقاء في الأذهان لفترات أطول. وإذا ما عرفنا بأن اختيار الكلمات واللحن مهمة يقوم بها صاحب المنقية أو يفرضها فرضاً وهو ما يعني بأن المنشد يحتاج لوضع أكثر من لحن حتى يجد ما يروق لمزاج الأول كما ذكر اليامي في اللقاء، أدركنا حجم الوقت والجهد المهدرين في أعمال ذات متعة وقتية كان من الممكن أن يُستغلا في إبداع أعمال أكثر أهمية وأكثر بقاء في أذهان المتلقين، مع ملاحظة أن المُنشدين الأكثر توجهاً لأداء قصائد المنقيات بدوافع متفاوتة هم الأفضل والأكثر تميزاً مما يعني خسارة طاقات إبداعية كبيرة. كلنا نعرف قيمة المال كعامل مهم يُشجع على الإبداع والتقدُم وكذلك البحث عن التميز، لكنه قد يكون عاملاً ذا تأثير سلبي حين يكون هو الغاية الأولى والأخيرة للمبدع وعندما يكون الحرص والتلهف عليه مُقدماً على الحرص على انتقاء الأعمال الأفضل والأقدر على البقاء. أخيراً يقول زياد بن نحيت: هذا أنت لك حروة سنه وأنت غايب ما عاد بعيوني من اللوعه دموع كان المحبه سر وصل الحبايب عيني ضمت شوفك وقلبي شبع جوع