درجت بين الحين والحين أن اختار في هذه الزاوية السبتية دولة من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (OPEC) للتعريف بها مسترشداً – مع التصرف – ببعض المعلومات الواردة في التقارير التي تعوّدت أن تنشرها دورياً (وتتيحها مشكورة مجاناً للجميع) إدارة معلومات الطاقة الامريكية EIA عن أوضاع الطاقة في دول العالم. واحد من هذه التقارير التي وجدتها حديثا في الايميل هو التقرير الصادر بتاريخ 30 يناير 2013 عن الطاقة في دولة قطر. رغم أن قطر أصغر دول أوبك مساحة وسكاناً إلا أنها أعلى متوسط دخل الفرد ليس فقط في أوبك بل أنها أيضاً أعلى متوسط دخل الفرد في العالم. سبب ارتفاع متوسط دخل الفرد القطري هو صغر حجم سكانها وكبر حجم إنتاجها وتصديرها للبترول (الخام والغاز المسال) إضافة إلى إنتاج وتصدير حجم كبير من الغاز الطبيعي. حيث بلغ إنتاج بترولها اليومي عام 2011 حوالي 1.7 مليون برميل معظمه حوالي 1.5 مليون برميل (أكثر من 88 %) يتم تصديره إلى الخارج بينما بلغ استهلاكها المحلي 183 ألف برميل فقط لأنها تعتمد كلياً على الغاز الطبيعي كمصدر لتوليد كامل طاقتها الكهربائية. قطر لديها أكبر ثالث (بعد روسيا وايران) احتياطي الغاز الطبيعي في العالم وهي أكبر دولة مصدرة للغاز المسال في العالم. كذلك يبلغ احتياطي البترول في قطر حوالي 25 مليار برميل (الترتيب الثالث عشر في العالم) ويقدر عمر بترولها الإفتراضي بأربعين سنة. يقول الرسم البياني في التقرير رغم أن إنتاج قطر للبترول أخذ يتصاعد بسرعة منذ عام 2001 حيث كان حوالي 800 ألف برميل وقفز إلى حوالي 1.7 مليون (الضعف) عام 2011 إلا أن معظم إنتاج قطر يأتي من حقول بدأت تشيخ maturing فأخذ إنتاج حقل دخان (أكبر حقول قطر) في الإنخفاض السريع ولتعويض الإنخفاض المتوقع في إنتاج حقول بترولها بدأت قطر في استخدام المحفزات EOR في عدة حقول منها الشاهين، ودخان، وبوالحناين، وميدان مرجم. من الواضح أن قطر تنتج عدد براميل بترول أكثر كثيراً من قدرة اقتصادها على امتصاص فوائضها المالية رغم أن بعض أكبر حقولها (كحقل دخان) قد بلغت الذروة وبدأ إنتاجها الانخفاض القسري مما جعلها تلجأ إلى المحفزات للمحافظة على مستوى إنتاجها الحالي. بينما كان بإمكان قطر (وهو الخيار الأفضل) أن تحافظ على نصيب اجيالها القادمة فتخفّض إنتاجها إلى 500 ألف برميل وبالتالي يقفز عمر بترولها من أقل من 40 سنة إلى أكثر من 140 سنة (اطول عمر بترول تقليدي في العالم) وبذلك يصبح من حق قطر أن تردد من غير منازع المقولة المشهورة التي اعتادت أن ترددها جميع دول الخليج بجانبيه: "بأن آخر قطرة بترول سيتم استخراجها من تحت الأرض ستكون قطرة من بترول قطر". لكن للأسف يبدو أن قطر لها رأي آخر فبدلاً من ترشيد إنتاج بترولها والاكتفاء بإنتاجها الضخم للغاز الذي يدر عليها ايرادات مالية أكثر من احتياجاتها رأت أن تمضي قدماً في استنزاف الأثنين (البترول والغاز) معاً واستثمار العوائد الهائلة فيما يسمى الصناديق السيادية. موضوع زاوية السبت القادم - ان شاء الله - توضيح الفرق بين متوسط دخل الفرد ودخل الفرد.