قرأنا أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد خصصت مبلغ (8,066,743) ثمانية ملايين وستة وستين ألفاً وسبع مئة وثلاثة وأربعين ريالاً؛ لتنفيذ مجموعة من المشروعات الخاصة بترميم وصيانة ونظافة وهدم وإنشاء عدد من المساجد والجوامع في مختلف مناطق المملكة. هذا بحد ذاته خبر مستحسن، لكن غير المستحسن هو الطريقة القديمة التي تُعتمد إنشائياً في إقامة تلك الإنشاءات، وسواء كانت تبرعاً من فاعل خير أو هي من مشاريع الشؤون الإسلامية. فعندما يتقدم صاحب بناء تجاري تُطالبه البلدية بمساحة لوقوف مركبات السكان أو المتسوّقين. إلا أن تلك المهمة المناطة بالبلدية تتضاءل وتضمحل - فيما يبدو - عند إنشاء مسجد. ولا يجد المصلون مواقف تمكنهم من الدخول والخروج بسكينة ووقار، وقلما تمر أوقات الفرائض دون مشادات أو حوادث. وضع كهذا سيُثير استغراب الجيل الجديد من قاصدي المساجد، وسوف تدخل مدركاتهم دون حاجب أو حاجز كون آداب الفرائض، وقبلها آداب الإسلام هكذا.. فوضى.. مشوّش.. اضطراب. وجدت أن الإعلان عن تلك المشاريع في تصريح رسمي يدعوني إلى الأخذ بطرق إنشائية عصرية تخدم المرتادين لبيوت الله. كأن يُصار إلى التشديد بعدم منح الترخيص لإنشاء مسجد إلا بعد التأكد من وجود مواقف، وتُتابع العملية أثناء التنفيذ مثلها مثل المباني الأخرى. ولو جاء مُحسن يريد بناء مسجد، ولديه المبلغ الكافي للأرض والبناء، لكنه - أي المبلغ - يقصر عن قيمة أرض ملاصقة لتكون مواقف فأهل الخير كُثُر يمكنهم أن يضعوا ما قدرهم الله عليه لشراء الأرض، ومشاركة ذلك المُحسن الأجر والمثوبة. أتى بعض من أعرفهم من أهل الشأن الحضري يقول: ولكن مساجد الأحياء لا تحتاج إلى المواقف لكون الغالبية يأتون إلى الصلاة مشياً على الأقدام. قلتُ: إن أيّ إنجازات وتحسينات نجريها على المساجد سوف تحقق مكانة دعوية "إعلامية" تربوية وعلينا ألا نُهمل الفرص كلما أتيحت. فوجود ساحات وقوف مخططة ونظيفة ومُضاءة سوف تجعل العابر من غير أهل الحيّ يتنعم بمرآي المسجد، وهو أيضا أداة جذب للجاليات غير المسلمة متى ما عاينوا حسن المشهد ودقة النظام. المشكلة أن الجيل الجديد سيتكيّف، أو هو تكيّف مع النظر المزعج والشائن فلن نُدخل في ذهنه أن الدين هو النظافة والنظام والتقيد بالجيد من الأمور والمراعاة لرغبة مرتادي المساجد.