أنا لست كاتباً، ولا أجيد فن الكتابة، ولكن عندما اعتصر الحدث وجداني وكتم أنفاسي، عرجت على هذه الأداة للتعبير عن مكنون نفسي وخلجات خاطري ملتجأ إلى الله عز وجل بقلب الصابر المحتسب وعقيدة المؤمن بقضاء الله وقدره واخذت القلم عله يكون سبيلاً لأن يعبر عن مشاعري وينفس عن ما بداخلي من حزن وأسى، وأدون ذلك بكلمات وعبارات صادقة تنبع من قلب مكلوم اعتصر بالحزن والاسى لفقدان عزيز في مقام الوالد أو الأخ الشقيق الأكبر، ألا وهو سمو الأمير سطام الذي جاء نبأ وفاته بمثابة الخبر المحزن الذي ضرب كل أحاسيسي وهز كياني رغم أنني قد عايشته فترة مرضه ومعاناته لحظة بلحظة رافعا أكف الضراعة لله سبحانه وتعالى أن يشفيه، داعياً الغفور الرحيم أن يخفف عنه المعاناة والالم كلما اشتد المرض عليه وان يعجل له بالشفاء، وأن يكون ما أصابه طهوراً وتكفيراً، ولا ألام على هذه اللحظات المؤلمة والمشاعر الجياشة والاحاسيس المتوقدة، وما أشعر به من حسرة وأسى وما أعانيه من حزن شديد، فما علاقتي بسموه علاقة معرفة عابرة او صداقة عادية، بل هي امتداد لعلاقات اسرية واجتماعية لعقود عديدة، ربطت آباءنا واجدادنا بوالدة سموه رحمها الله، فقد كان العم الشيخ عبدالعزيز السالم وأبناؤه عاشوا وترعرعوا لسنوات طويلة تحت سقف واحد مع الاميرين ماجد وسطام وشقيقتيهما الاميرتين هاله وسلطانه رحمهم الله جميعاً، وهم اخوة من الرضاع. وفي كل لقاء بسموه وبمن حوله يذكرني بأنني ابن عمه وكم هو شرف لي وفخر أن يناديني سموه بهذه الصفة، فكانت والدة سموه (أم ماجد) اشتهرت بحبها للبر والاحسان والاعمال الانسانية والخيرية، ومن ذلك أنها تبعث لجدي عبدالله في الدرعية على حياة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بالأرزاق والعطايا والصدقات لتوزيعها على المستحقين من الفقراء والمساكين وذوي الحاجة بمعرفته، وكان رحمه الله يطرق الابواب في الليالي المظلمة وبدون الكشف عن هويته على اولئك المستحقين ويقدم لهم ما جاء من صاحبة الخير والعطاء دون الاشعار بمصدرها، فإن كان ألمي وأساي اشتدا لفقدان سموه بحكم هذه العلاقة الاسرية، فما أشد الأسى عندما يكون الفقدان لرابطة أقوى وأعم ألا وهي خدمة الوطن والمواطن، فالجميع يفتقده اذ هو خسارة للوطن بالدرجة الاولى لتفرده بمزايا الرجل الاداري الناجح والمواطن المخلص الوفي والامير الصادق المحب لوطنه وشعبه، اسر الناس بتواضعه الجم وبساطته ولطفه في التعامل، وشفافيته وحديثه الصريح دون مجاملة او تصنع، يترفع عن الاساءة للناس او التعالي عليهم، او اهانتهم والحط من اقدارهم ومكانتهم، وكان دائماً يقول ان الناس متساوون في الحقوق والواجبات والعدل بينهم امر واجب متحتم, ولن يتحقق ذلك الا بتطبيق الانظمة والالتزام بالتعليمات، بل رفع لواء مكافحة الفساد، وطالب بالنزاهة والشفافية في الاجراءات والمشاريع، نظيف اليد عفيف اللسان صادق القول، بهذه الخصال دخل قلب كل مواطن، وتجذر حبه في نفوسهم، وبفقده عم الحزن وبرحيل سموه ساد الشعور بالمصيبة ولكن ما نقول ويقول الجميع إلا ما أمرنا به ربنا جل وعلا. (إنا لله وإنا إليه راجعون). عزاؤنا لابنيه عبدالعزيز وفيصل وابنتيه هاله ونجلاء. سائلاً المولى عز وجل أن يلهمنا وإياهم الصبر والسلوان وأن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى في جنات الخلد لنلقاه ونسعد برؤيته فهم السابقون ونحن اللاحقون. وإن كان مصابنا فيه جلل فلا شك أن مصاب القيادة به أعظم وأكبر فقد فقدوا أخاً، وسنداً لهم في قيادة هذه البلاد المباركة فلخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأخيه ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وبقية أفراد الأسرة المالكة الكريمة وللشعب السعودي الأبي صادق عبارات العزاء والمواساة - حفظ اللّه الجميع - وأمد في أعمارهم وأيدهم بعونه وتوفيقه. * وكيل وزارة الداخلية