الأمر السامي بشأن التجاوب مع قرارات «المجلس».. دليل على اهتمام الملك بالشورى وقراراته يعتبر مجلس الشورى شريكا رئيسا في القرار الوطني، ورافدا مهما لقرارات مجلس الوزراء، حيث لا تخلو جلسة من جلسات مجلس الوزراء إلا ويصدر بها قرارات مبنية على قرارات مجلس الشورى، وبلغة الأرقام فقد كشف الدكتور محمد عبدالله المهنا المتحدث الإعلامي للشورى عن صدور نحو 900 قرار عن مجلس الوزراء بناء على قرارات الشورى خلال العشرين سنة الماضية حسبما أحصت التقارير وأكد في حديثه ل"الرياض" أن القرارات المشار إليها تصب في خدمة قضايا الوطن والمواطن وهمومه وتلبي احتياجاته، إلى جانب ما صدر من مجلس الوزراء بشأن قرارات مجلس الشورى الخاصة بالتقارير السنوية للوزارات والجهات الحكومية، وكما ذكرنا سالفاً بخصوص الأمر السامي الكريم للوزارات ومؤسسات الدولة ومدى حرص خادم الحرمين الشريفين على أهمية قرارات مجلس الشورى الخاصة بتقارير الأداء السنوية لما لها من دور في تطوير أداء الجهة الحكومية والارتقاء بخدماتها المقدمة للمواطن، وبصدور قرارات مجلس الوزراء المبنية على قرارات مجلس الشورى تكون تلك القرارات استكملت دورتها النظامية وأصبحت ملزمة للتنفيذ من الأجهزة التنفيذية المعنية. ونبه المهنا إلى أن هناك قرارات لا تدخل في الإحصائية المشار إليها تتعلق بتقارير الأداء السنوية لا يستلزم إقرارها من مجلس الوزراء إنما ترفع للملك والذي بدوره يوجه الجهات المعنية إلى تنفيذها. وأكد المهنا في رده على سؤال بشأن تقييم تعامل مجلس الشورى مع هموم المواطن بشكل عام ومع الملفات الأكثر تعقيدا كالفقر والبطالة والسكن، أكد على تصدر هموم المواطن على أولويات الملفات التي يعالجها معتبراً أن التنمية المستدامة ظلت هدفاً له وأساساً لجداول أعماله ولجانه المتخصصة خلال دوراته الخمس، وأضاف بأن خطط التنمية الوطنية حظيت بدراسات مستفيضة من الأعضاء قبل إقرارها، كما مارس المجلس صلاحياته الرقابية في متابعة تنفيذ تلك الخطط، وتقييم أداء الأجهزة التنفيذية، وبين المهنا أنه كان في مقدمة محاور قضية التنمية، تطوير برامج الرعاية الصحية، والتنمية الاجتماعية وتطوير التعليم ومخرجاته، وتوطين الوظائف، والتوزيع الشامل لمشروعات التنمية على مناطق المملكة، وتحفيز الاقتصاد الوطني. وعلى صعيد القضايا المجتمعية التي حظيت باهتمام المجلس واتخذ حيالها قراراتٍ عدة تستهدف تحسين الأداء وتلبية احتياجات المواطنين، يؤكد الدكتور المهنا أن مسائل الفقر والبطالة والإسكان جاءت في أولوية القضايا التي تصدى لها مجلس الشورى وقدم رؤيته وأصدر قراراته بشأنها، وأولها معالجة الفقر حيث حرص مجلس الشورى في تعامله مع ملف الفقر على إصدار عددٍ من القرارات لمعالجة ذلك وتحقيق الرفاه للمواطنين وتحسين مستوى معيشتهم، شملت قرارات صدرت في هذا الشأن كزيادة رأس مال البنك السعودي للتسليف والادخار إلى عشرين مليار ريال، وزيادة معاشات المتقاعدين والمستفيدين من نظام التأمينات الاجتماعية؛ لمواجهة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة أسوة بالزيادة التي تمت لمتقاعدي الدولة، وقرار المجلس الذي تضمن التوسع في دعم مشروعات الأسر الفقيرة في مناطق المملكة؛ لتحسين المستوى الاجتماعي والمعيشي لبعض المستفيدين من الضمان الاجتماعي، والنظر في زيادة الحد الأدنى للمعاش الذي يصرف للمتقاعد، والحد الأدنى للمعاش الذي يصرف لأفراد عائلة المشترك المتوفى، ودراسة معدلات الرواتب واقتراح تعديلها. الدكتور محمد المهنا وأضاف المهنا في عرضه لأبرز القرارات التي تعتبر مساهمة من المجلس في معالجة الفقر وقال صدر عن المجلس قرار لتحديد وتنظيم صرف المكافآت والبدلات والعلاوات للعاملين في الخدمة العسكرية، وتطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على عموم العاملين في الوزارات والأجهزة الحكومية الذين لا يخضعون لنظام التقاعد المدني، وكذلك زيادة مقدار الإعانات التي تقدمها وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية للأسر التي تقوم برعاية أبنائها المعوقين، وأيضاً تقديم قروض بدون فائدة للمنشآت الصغيرة والناشئة ولأصحاب الحرف والمهن من المواطنين، تشجيعاً لهم على مزاولة الأعمال والمهن بأنفسهم ولحسابهم الخاص، إضافة إلى تقديم قروض اجتماعية بدون فائدة لذوي الدخول المحدود من المواطنين، لمساعدتهم على التغلب على صعوباتهم المالية. وفيما يخص البطالة فأوضح المتحدث الرسمي للشورى أن المجلس تبنى خلال العشرين عاماً الماضية العديد من المبادرات لمعالجة قضية البطالة، وتعزيز جهود توطين الوظائف، حيث أقر فصل قطاع العمل في وزارة مستقلة بما يسهم في تطبيق خطط طموحة للتدريب والتوظيف تستثمر مخرجات التعليم، وتوفر فرص كريمة للمواطنين، كما تم توحيد جهات الاستقدام وإنشاء صندوق لتسهيل توظيف المواطنين وإنشاء مركز وطني للمعلومات المتعلقة بالعمل، ووافق على مقترح نظام للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتفعيل دورها في الاقتصاد الوطني والتوظيف، وطالب المجلس بالمراجعة الدورية لقواعد استقدام وتوظيف العمالة غير السعودية، ووضع الحوافز المادية والمعنوية التي تشجع العمالة الوطنية، والنظر في إيجاد بيئة مناسبة لعمل المرأة. وأصدر المجلس عدة قرارات بشأن البطالة منها مطالبة الهيئة الملكية للجبيل وينبع بتوفير قواعد بيانات اقتصادية توضح المضاعفات الخاصة بالعمالة، والدخل، ونسب البطالة، والعوائد الاقتصادية الحقيقية، إضافة إلى توضيح الهيكلة الاقتصادية الصناعية، وإحلال القوى العاملة الأجنبية في المصانع، وفي الشركات العاملة في المدينتين الصناعيتين بالجبيل وينبع؛ بهدف توطين التقنية، كما طالب وزارة العمل بإصدار تقرير كل ثلاثة أشهر يوضح التغيرات في سوق العمل بناءً على أساس كمي وتحليلي، متضمناً أعداد العمالة السعودية وغير السعودية، والتنسيق مع الجهات المختصة بوضع خطة زمنية متدرجة لسعودة وظائف قطاع تجارة الجملة والتجزئة، وإدراج بحث قياس معدلات البطالة بين المواطنين في الإحصاءات السكانية، وشدد على تفعيل اتفاقيات التوظيف التي يعقدها صندوق تنمية الموارد البشرية مع الغير بجعلها ملزمة لجميع أطرافها، وإيجاد الآليات الفعالة لضمان استمرار من يتم دعمهم في وظائفهم بعد انتهاء فترة دعم الصندوق لهم، وتوزيع برامج الصندوق في مجالي التدريب والتوظيف وتكثيفها في جميع المناطق والمحافظات، والتوسع في البرامج الموجهة للمرأة. ومن قرارات مجلس الشورى في شأن مكافحة البطالة يضيف المهنا: طالب المجلس بالعمل على إعطاء اهتمام أكبر لبرامج الصندوق المقدمة لطالبي العمل الذين تقل مؤهلاتهم عن الثانوية العامة، وإجراء مراجعة شاملة لخطط وإجراءات توظيف السعوديين في ضوء المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد الوطني، وكذلك دراسة وضع حد أدنى للأجور لبعض المهن في قطاعات التشييد والصناعة، وتجارة الجملة والتجزئة، وفقاً للمادة (التاسعة والثمانين) من نظام العمل، وذلك لتشجيع انخراط الشباب السعوديين في وظائف القطاع الخاص، وأخيراً تفعيل توظيف الفتيات السعوديات في مؤسسات التعليم والتدريب النسائية الخاصة، والمجالات التي تحقق بيئة عمل تتفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية؛ وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، وصندوق تنمية الموارد البشرية، والجهات الأخرى. وعن أزمة الإسكان أفاد المهنا بأن المجلس أقر عدداً من الأنظمة التي تهدف إلى التأثير إيجاباً بما يعالج أزمة الإسكان ودفع عجلة التنمية الإسكانية والعقارية في المملكة وبما يؤدي إلى زيادة إسهام الجهات التمويلية في عملية التمويل للإسكان. وقال المهنا إن تلك الأنظمة قدمت تنظيماً جديداً لكثير من مشكلات التمويل حيث استحدثت قطاعاً مالياً جديداً وهو شركات التمويل غير البنكية لترفع تنافسية القطاع التمويلي والمصرفي، ما سيحقق مصلحة كبرى للمواطن، وفي هذا الإطار أصدر المجلس عدة قرارات لوضع حلول دائمة لمعاناة المواطنين والإسهام في توفير السكن المناسب منها، قيام صندوق التنمية العقارية بتوحيد مبلغ القرض المقدم للمواطنين في مختلف مناطق المملكة، وتحديث نظام الصندوق بما ينسجم مع نظام الهيئة العامة للإسكان، والأنظمة ذات العلاقة، إضافة إلى رفع رأس مال الصندوق المدفوع ليصبح مائتي ألف مليون ريال، وزيادة مبلغ القرض العقاري إلى خمسمائة ألف ريال؛ لمواجهة تكاليف البناء المرتفعة، وقرار لدراسة وضع آلية للتعاون بين الصندوق، والمؤسسات المالية التجارية؛ لمنح تمويل إضافي لمن يرغب من مقترضي الصندوق؛ تحقيقاً لمصلحة المقترض، والصندوق، والمؤسسات المالية التجارية، كما صدر عن المجلس قرار إلغاء شرط تملك الأرض عند التقدم لطلب قرض من الصندوق. ومن القرارات التي صدرت عن المجلس لمعالجة أزمة الإسكان أشار المهنا إلى قرار الإسراع بتفعيل دور الهيئة العامة للإسكان، وتطوير أنظمة صندوق التنمية العقارية، مع التوسع النوعي في أعداد المساكن الشعبية في جميع مناطق المملكة، والموافقة علي أنظمة الرهن والتمويل العقاري، وفرض رسوم بلدية على الأراضي البيضاء. ومن أبرز قرارات المجلس الموافقة على مشروع الهيئة العامة للإسكان والتنمية العقارية الهيئة العامة للإسكان والتي أصبحت وزارة حاليا، إضافة إلى إيقاف منح الأراضي بمساحات كبيرة، وقصر المنح على المواطنين الذين لم يمنحوا، وفي حدود ما يلزم للسكن، وفي مخططات صالحة للبناء، وتتوافر فيها الخدمات، ومطالبة وزارة المالية (مصلحة الزكاة والدخل) بجباية الزكاة على الأراضي المعدة للتجارة؛ لصرفها في المصارف الشرعية، وأن تنظم وزارة التجارة والصناعة - بالتنسيق مع الجهات المعنية- سوق تجارة الأراضي بما يضبط شؤونه ويساعد على تحقيق جباية الزكاة، والقرار الخاص بالموافقة على الأهداف العامة لحل مشكلة الإسكان على المدى القريب والبعيد وسبق ذلك قرار الشورى الصادر في السادس والعشرين من شهر صفر عام 1424 المتضمن تكليف وزارة الأشغال العامة والإسكان بإعداد الإستراتيجية الوطنية للإسكان بمشاركة فريق علمي من الجامعات ومراكز البحوث والهيئات الاستشارية والقطاع الخاص. وحول تجاوب الجهات الحكومية مع قرارات وجهود المجلس فيما يتعلق بتطوير أداء تلك الجهات، أبان المهنا أن القرارات التي يصدرها مجلس الشورى يتم رفعها إلى الملك بحسب المادة السابعة عشرة من نظام المجلس بما فيها القرارات التي يصدرها المجلس بشأن التقارير السنوية لأجهزة الدولة ومؤسساتها. وأشار المهنا إلى الأمر السامي الكريم الذي صدر مؤخراً ونص على"أن تقوم الوزارات والجهات الحكومية الأخرى برفع مرئياتها حيال ما تضمنته قرارات مجلس الشورى حول تقاريرها السنوية في مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ إحالة قرار مجلس الشورى إليها" وأعتبره دليلاً على ما يوليه خادم الحرمين الشريفين من أهمية بالغة لمجلس الشورى وقراراته وحرصه -أيده الله- على أهمية تفعيل قرارات مجلس الشورى بما يخدم الصالح العام للوطن والمواطن، إلى جانب ذلك سيكون لأمره الكريم دوراً فاعلا في سرعة تجاوب الجهات الحكومية مع قرارات المجلس وظهور نتائجها على جهود تلك الجهات وأدائها بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة.