هل تسقط جرائم الحروب والعنصرية ومخالفات القانون الدولي بالتقادم وتصبح انتقائية تطبق لصالح إسرائيل في تعويضات من ألمانيا بسبب جرائم النازية وتسقط عن حقوق شعوب استعمرت ومورس معها جميع أساليب الاحتلال والفصل العنصري، والإبادة لشعوب أصلية لصالح مهاجرين جدد، وكل ذلك يعد من التاريخ تتحمل وزره الحكومات والأجيال القديمة فقط؟ فأوروبا وأمريكا واليابان ودول أخرى ما زال سجلها أسود في تاريخها القريب والقديم، ومع ذلك لا نجد اعتباراً للتعويض عن تلك الجرائم التي جرت في أمريكا الجنوبية، وآسيا وأفريقيا، حتى أن أستراليا التي سجلت أخطر استيطان على حساب شعب أبيد وشرد وبقي شاهداً على ان هذه القارة ولدت على دماء مسالمين مشكلتهم الكبرى أنهم عاشوا بطبيعتهم، واعتبروا همهجاً لا يستحقون الحياة.. لم يفصل القانون الدولي في تلك القضايا لأن من صاغه ووقع عليه وفرضه هي تلك الدول، وبالتالي لا يمكن أن تقبل المساءلة والمحاكمة لنفسها في إيجاد بنود تلاحقها في جرائمها، لكن الغريب أن مجرمي الصرب، وزعامات أخرى عربية وغير عربية ما زالوا عرضة للمطاردة، واخضاعهم للمحاكمة على جرائم جديدة، بينما ما فعلته الدول الاستعمارية والتي هي من صدر الاحتلال وانتهاك الحقوق بعدالتها لم يطلها القانون حتى أن التشريعات التي بدأت بالأربعينات من القرن الماضي، لم تلاحق أمريكا في حربها في فيتنام والعراق وأفغانستان، ولا بريطانيا الشريك لها وكذلك الاتحاد السوفييتي في انتهاكاته لحقوق جمهورياته وأفغانستان، وإسرائيل لا تزال تمارس الحرب والعنصرية معاً، ولم تخضع كما النازية، لتجريمها رغم وجود تلك القوانين وتطبيقها وفق هوى ومصالح القوى الكبرى.. المثير للسخرية أن أوروبا وأمريكا تلاحقان من تضعهما على لائحة الاتهام بالابادة أو العنصرية، أو الاضطهاد الممنهج لكن عندما تطالب اليابان بالاعتذار عن جرائمها في آسيا، أو فرنسا وبريطانيا وكذلك أمريكا يتم الرفض، خشية أن يترتب على ذلك مطالبة بالتعويضات والملاحقة القانونية، وهو أمر لن يتم لأن قضية العدالة تكتب وتقرر لكنها لا تطبق، وبالتالي فإن القوة وحدها وتطابق المصالح والاعتبارات الأخرى التي تعطل التشريعات هي الأسلوب القائم، حتى أن مجلس الأمن بقي أداة تنفيذ الاعتداءات أو السماح بها تحت بنود يرونها في صالح مواقفهم.. لا يوجد في الأفق ما يجعل العدالة حقيقة يتم تطبيقها وفق الحقوق المتعارف عليها، لكن حين تبرز دولة إلى الصفوف الأمامية مثل الهند والصين، وهما من تعرضا لأسوأ اضطهاد، فإن قانون قوتهما فرض معاملة جديدة، والنظر لهما بالتساوي بالقوانين والحقوق، ولعل خرافة العدل ليست إلاّ مقياساً لسيادة القوة على الشرائع والقوانين..