كان الزوجان الهنديان دقيقين في طلبهما: ينبغي أن تكون المتبرعة بالبويضات في سن اقل من 25 عاما، بيضاء وجميلة ومتعلمة، والأهم من ذلك كله أن تكون من نفس طائفتهما.. مرحبا بالأطفال حسب الطلب. ففي الهند التي يزيد عدد سكانها عن 1,3 مليار نسمة تصطدم العلاجات الطبية المتقدمة ذات الصلة بالخصوبة بقناعات ضاربة في القدم حول الترتيب الاجتماعي،بينما تعتبر علاجات الخصوبة تجارة مزدهرة. ووفقا للجمعية الهندية للإنجاب المدعوم في نيودلهي، فان العيادات المنضوية تحت لوائها في جميع أنحاء الهند أجرت حوالي 18 ألف عملية إخصاب صناعي في العام الماضي وأسفرت عن نجاح بنسبة 30 بالمئة. ومع ذلك فان ما يكسب عمليات التخصيب الصناعي خصوصية في الهند أن العديد من الأزواج العقيمين يطالبون بان تكون المتبرعات بالبويضات والأمهات بالوكالة منتميات إلى طبقة بعينها لدى سعيهم للحصول على علاجات خصوبة أو خدمات أمهات بالوكالة. وكالات تنتقي بويضات من نساء أوروبيات وحيامن من أزواج أثرياء وتزرع الأجنة في نساء فقيرات وفي هذا الصدد تقول الخبيرة رامانا راو،" الأزواج يدققون كثيرا في التفاصيل ذات الصلة بالترتيب الطبقي للمتبرعة والأم بالوكالة. وتعمل راو على جلب المتبرعات بالبويضات والأمهات بالوكالة حسب الطلب للأزواج العقيمين وعيادات الإخصاب في مدن مثل حيدراباد وشيناني وبنغالور. وعلى نقيض ما يحدث في الغرب،حيث تعتبر اللياقة الصحية المعيار الرئيس لاختيار المتبرعات بالبويضات، فان الفحوصات الطبية تجرى في الهند بعد اقتناع الزوجين العقيمين بالانتماء الطبقي للمتبرعة أو الأم بالوكالة. أمهات هنديات بالوكالة أجّرن أرحامهن لشركة وايزاكس والترتيب الطبقي نظام قديم في الهند يضع الفرد في مكانة اجتماعية محددة حيث البراهمانيين هم الأعلى طبقة بينما يحتل الدليت المنبوذين قاع الهرم. وعلى الرغم من طابع الحياة العصرية والنمو الاقتصادي الهائل إلا أن النظام الطبقي يحدد مرتبة الهندي في العديد من أرجاء البلاد ويظل يؤثر في المقومات الحيوية للحياة مثل الزواج والسياسة. طفل حسب الطلب في حضن «أمه» ويحظر الدستور الهندي التمييز على أساس الطبقة والانتماء الاجتماعي. وكان آخر تعداد سكاني وفقا للطبقة اجري في الهند في عام 1931. غير أن لجوء الحكومة لإحصاء السكان اعتمادا على التصنيفات الطبقية في التعدادات التالية – وما صاحب ذلك من خلافات- يثبت أن النظام الطبقي ما زال متسيدا. ويقول الذين يؤيدون الإحصاء وفقا للطبقة يساعد الحكومة على تحديد انسب برامج الرعاية الاجتماعية التي تناسب الطبقات في ادني درجات السلم الاجتماعي. ولم تعد الطبقة تعني الكثير لدى الشباب في المراكز الحضرية ومن ثم اخذ الترتيب الاجتماعي يتلاشي تدريجيا، ولكنه يعاود الظهور بشدة في أماكن غير متوقعة مثل عيادات الخصوبة. عيادة تخصيب صناعي بالهند وفي هذا الصدد يقول ساميت سيخار، اختصاصي الإنجاب المدعوم بمدينة حيدر اباد،" بجانب الشكل الجمالي ولون البشرة وطول القامة والتعليم، يهتم الأزواج العقيمون بالحصول على متبرعة بالبويضات من نفس طبقتهم وديانتهم." وفي مومباي يهتم مثل هؤلاء الأزواج بالخلفية الأسرية للمتبرعة والأم بالوكالة، على حد قول غورال غاندي، مدير المختبر بعيادة روتندا الشهيرة. وفي أحيان كثيرة تستخدم لفظة"الخلفية الأسرية" كتعبير مخفف في إطار البحث عن طبقة بعينها من بين مئات الطبقات الرئيسة والفرعية ضمن النظام الاجتماعي الهندي البالغ التعقيد. ويمكن أن تحصل متبرعة تنتمي للطبقة العليا مابين 50 إلى 1000ألف روبية ( 1100 إلى 2200 دولار) في حين تنحدر الأسعار بانحدار السلم الاجتماعي إلى حدود 20 ألف روبية( 430 دولارا)، على حد قول راو الذي تمكن حتى الآن من استقطاب 70 متبرعة بالبويضات و150 أمّاً بالوكالة. وتقول عالمة الاجتماع كارول يوبادايا، من المعهد العالي للدراسات المتقدمة، إن الطبقية متجذرة في أعماق العديد من الهنود بهدف المحافظة على نقاء العرق، وتضيف" إنهم يشعرون أن الطبقة مغروسة في أجسامهم، في أعماق المادة الجينية."ويقول راو إن حتى المتعلمين تعليما عاليا يرغبون في جينات محددة لأنهم يرغبون في نقل جينات الطبقة والمجتمع إلى أجيالهم المقبلة، ويضيف"ينشر الأزواج العقيمون إعلانات صريحة في الصحف المحلية عن طلب متبرعة أو أم بالوكالة وفقا للطبقة." وتحتل مثل هذه الإعلانات أماكن بارزة في صفحات الأمومة والطفولة في كبريات الصحف الهندية. ويقول كاميني راو، الذي يدير عيادة خصوبة ناجحة في بنغالور،" يتفق بعض الأزواج مع متبرعات بالبويضات وأمهات بالوكالة ينتمين إلى طبقاتهم قبل أن تطأ أقدامهم عتبات العيادة لإجراء عمليات التخصيب الاصطناعي." وهناك أمهات بالوكالة يتم تأجيرهن لإنجاب أطفال لزبائن من خارج الهند في تجارة رابحة تدر مليارات الدولارات يمكن تشبيهها بصناعة السيارات، ذلك أن شركات مثل "وايزاكس" والوكالات الشريكة معها حول العالم تقوم بتجميع عناصر الإنتاج في العديد من الدول قبل نقل البويضات الملقحة جوا إلى الهند لزرعها في أرحام الأمهات بالوكالة. ولا تعدو أن تكون الشركة مصنعا للأطفال يتم فيه تفريخ الأجنة وفقا لمواصفات يحددها الأزواج الأثرياء في الدول الغربية بما فيها بريطانيا، كما لو كانوا سيارات تصمم حسب الطلب. ويقول فيفيك كوهلي وجاغاتجيت سينغ المشرفان على فرع الشركة في نيودلهي، إنهما يقدمان هذه الخدمة لأعداد كبيرة من الزبائن من الذين لا يرغبون لأسباب متفاوتة في استخدام البويضات الهندية أو عيادات تخصيب هندية أو لا يرغبون في الحضور للهند إلا لأخذ أطفالهم الذين تم إنجابهم حسب طلبهم. ونظرا لرغبتهم العارمة في تكوين اسر، فإن "الآباء المرتقبين" أصبحوا أكثر تدقيقا في مواصفاتهم. فالعديد منهم يرغبون في أطفال لا يشبهونهم فحسب بل فوق ذلك يتمتعون بشعر أشقر وعينين زرقاوين وان يكونوا – بقدر الإمكان- جذابين وأذكياء.! ولهذا صمم كوهلي وسينغ برتوكولاً يعمل على النحو التالي: يتم الإعلان عن طلب متبرعات بالبويضات وهن نساء شابات وجذابات من دول مثل أوكرانيا وليتوانيا وجورجيا وأرمينيا وروسيا البيضاء. وبعد إخضاع المرشحات لفحص دقيق للأمراض الوراثية وحاصل الذكاء يتم إدراجهن في دليل" كتالوج" عبر الانترنت لتمكين الآباء والأمهات المرتقبين من تصفحه. وهناك في أوروبا الشرقية العديد من النساء الفقيرات الراغبات في تكبد مشاق علاجات الخصوبة والسفر لمسافات طويلة إلى كاليفورنيا أو بوسطن والخضوع لعمليات جراحية تحت التخدير لبيع بويضاتهن مقابل ما يعادل 750 جنيها لكل دفعة. ونظرا لأنه ليس بالإمكان تجميد البويضات البشرية وعدم توفر عيادات حمل بالوكالة أو أرحام للتأجير بكميات كبيرة فان المتبرعات يسافرن إلى الولاياتالمتحدة وهن في ذروة دورتهن الشهرية حيث يتم اخذ بويضاتهن وتخصيبها بحيامن الأب. والبويضة الملقحة هي فقط التي تصبح قابلة للتجميد والتخزين والنقل إلى أي مكان وقليلات هن النساء الأميركيات اللواتي يرغبن في أن يؤجرن أرحامهن كأمهات بالوكالة، وان وجدن فان أجورهن عادة ما تكون مرتفعة للغاية، على نقيض النساء الهنديات اللواتي يقفن في صفوف خارج عيادات الحمل بالوكالة هذه الأيام لتأجير أرحامهن بأجر يعتبر الأدنى في العالم. ويتم تجميد البويضات المخصبة في درجة حرارة 196 مئوية دون الصفر وتحفظ في علب تحتوي على النيتروجين السائل ومن ثم تنقل جوا لمسافة 8 آلاف ميل من الولاياتالمتحدة إلى مدن مثل نيودلهي ومومباي حيث يتم زرعها في أرحام الأمهات بالوكالة، وهن في الغالب نساء أميات وفقيرات يتم جلبهن من المناطق الريفية النائية. وتحصل الأم بالوكالة على مبلغ يعادل 4000 جنيه إسترليني وهو مبلغ لن تحصل عليه العاملة المنزلية حتى ولو عملت طوال عشر سنوات. وكل المطلوب منهن في فترة الحمل هو أن يسترخين ويشاهدن التلفاز طوال اليوم وان يتناولن وجبات مغذية ما كنّ يحلمن بتناولها طوال حياتهن، بينما يتلقين جرعات عالية من الفيتامينات والهرمونات.