ابتهجت (كغيري) كثيراً عندما علمت بقرار نقل اختصاصات لجان السعودة إلى وزارة الداخلية من خلال إمارات المناطق. وابتهاجي ليس تقليلاً من قدر أو دور وزارة العمل في هذا الخصوص، لكنني أجزم (مثل غيري) أنّ إمارات المناطق ستكون أكثر صرامة وجودة في المراقبة والتفتيش وتطبيق القرارات من غيرها من الوزارات الخدمية الأخرى. والجميع كبيراً وصغيراً مسؤولاً أو عاطلاً عن العمل يعلم أنّ هناك فوضى عارمة في سوق العمل المحلي، وخاصة تلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي جعل (خيرنا لغيرنا)، فحرم الوطن واقتصاده من مبالغ ضخمة جداً تقدر بالمليارات هي حجم تلك التحويلات التي تنفذها العمالة الوافدة بطرق غير نظامية!! ذلك أنّ المواطن السعودي حتى وإن حاول الولوج في مجال تلك التجارة المدرة للربح حقاً حاربته ظروف سوق العمل المحلي التي تنتصر دوماً للوافد غير النظامي والسعودي المتستر بينما (تركل) جانباً المواطن السعودي الراغب حقاً في العمل، وقد أسرني كثيراً من رجال الأعمال الشباب أو أولئك الذين يحاولون دخول مجال التجارة أو الصناعة من شباب هذا الوطن بكثير من الحسرة والألم أنّ تلك العمالة الوافدة غير النظامية تعبث بالسوق المحلي وتطرد كل من يحاول ممارسة العمل الحقيقي فيه من السعوديين.. وأذكر عندما كنت مساعداً لأمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أنّ عدداً غير محدود من الشباب السعودي الطامح حقاً لممارسة المجال التجاري أو الصناعي كانوا يتحدثون عن منافسة غير شريفة وتنظيم غير صحيح أو غير مطبق للسوق المحلي الأمر الذي يجعل من ممارسة الشاب لهذا المجال أمراً مستحيلاً حيث أشاروا إلى أنّ سوق التمور على سبيل المثال تحتكره جنسية محددة من العمالة الوافدة غير النظامية أيضاً!! وهي التي تتحكم في السوق سعراً وبيعاً ويرتبط ذلك بالزراعة أيضاً، ذلك أنّ المزارع حسبما ذكروا في ذلك الوقت (2005م) لا يستطيع بيع محصوله في السوق إلاّ من خلالهم، بل إنهم يجوبون المزارع طولاً وعرضاً فيشتروا الثمر قبل أن ينضج أيضاً، فلا يتعدى دور المزارع السعودي الذي حصل على تسهيلات من الدولة ومعونات متعددة أكثر من كونه عاملاً لدى تلك العمالة الوافدة، يسقي الزرع ويتابع نموه حتى يأتي يوم حصاده فيتكئ بعيداً يرقب نتائج ذلك الحصاد الذي يستفيد منه غيره!! وهذا الحال ينطبق على معظم مجالات الزراعة وبعض مجالات الصناعة والمقاولات ومجالات التجارة وغيرها كثير مما يمكن أن يحدث نقلة نوعية وكمية في الاقتصاد الوطني ويعمل على ضبط العمالة الوافدة لتعمل حسبما جاءت من أجله ولمن جاءت من أجله أيضاً، ذلك أنّ ظاهرة هروب العمالة الوافدة أمر متفش بشكل غير منطقي في وطن متطور يستخدم التقنية في معظم مجالاته. وفي اعتقادي انّ عودة لجان السعودة التي ستعمل جولاتها التفتيشية وقراراتها الصارمة على إغلاق الكثير من المحلات التجارية الصغيرة وربما الكبيرة ستعمل حقاً على إعادة نمو المجتمع وتطور كافة قطاعاته وأفراده، سواء من الناحية الاقتصادية عندما يزداد عدد ممارسي التجارة من أبناء الوطن أو من خلال الفرص الوظيفية الضخمة التي سيتم تحققها أو من خلال تنظيم سوق العمل والجوانب الاقتصادية المحلية مما سيعود أثره إيجاباً على الدولة أيضاً من خلال استفادة المستفيد حقاً وهو المواطن من برامجها التنموية، كما أنّه سيقضي على نسب ضخمة وعالية من بطالة السعوديين وسيحقق نفعاً إيجابياً في المسألة الأمنية أيضاً.. ومثلما ابتهجت بقرار نقل لجان السعودة من وزارة العمل إلى وزارة الداخلية فإنني أتمنى أن يتم ربط التحويلات المالية إلى الخارج كافة بوزارة الداخلية أيضاً، بحيث يتم مراقبة عمليات التحويل للسعوديين وغير السعوديين لمعرفة كيف يمكن أن يقوم عامل وافد لا يتجاوز مرتبه حسب تأشيرة العمل التي جاء بها عن ألف ريال ليقوم بتحويل مبالغ في عام واحد ربما تزيد عن ما يمكن أن يدخره طيلة حياته لو عمل في هذا الوطن!! وهو أمر غير مقبول مطلقاً ويحدث كثيراً أيضاً مما يدل على خلل واضح وموجود، كما أنّ مراقبة السعودي المتستر أيضاً بكثير من الحزم والصرامة ستجعل سوق العمل أكثر انضباطاً وهو ما يتمناه كل أبناء هذا الوطن العزيز والمهتمين بشأنه واستقراره ونموه الاقتصادي.. فهل يحدث مثل هذا الإجراء، إنها أمنية قابلة للتطبيق في نظري وجديرة بالاهتمام، والرأي لكم.