تتزايد تحويلات العمالة الوافدة في المملكة عاماً بعد عام، بل شهراً بعد شهر، حتى جاوزت ستين مليار ريال سنوياً، هذا ما ترصده التحويلات الرسمية، وهنالك مبالغ ضخمة جداً يتم تحويلها بعيداً عن القنوات الرسمية لتحويل النقود، إما بأن يحملها الوافد معه، أو يرسلها مع أصدقائه تباعاً، أو بوسائل أخرى مختلفة يلجأ لها المتستر عليهم خاصة، هذا غير ما يتم شراؤه من سلع وشحنها لبلدان الإخوة الوافدين.. وفي البدء والختام لسنا ضد الاخوة الوافدين الذين يعملون بشكل نظامي، بل نحن معهم، ونعتبر ما يحولونه إلى بلدانهم حقاً مشروعاً لهم، لا منة فيه ولا فضل، فهو جزء من عملهم وكدهم وتعبهم، وهم لم يحولوا تلك المبالغ بدون مقابل، بل دفعوا مقابلها خدمات ملموسة لبلادنا، في مجال الحرف اليدوية، والبناء والتشيد، والعمالة المنزلية.. لسنا ضد هؤلاء الاخوة النظاميين بل نحن معهم ونحض على حسن معاملتهم وإعطائهم أجورهم أولاً بأول بدون مماطلة أو مَنّ، "أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" "خدمكم خولكم" أي اخوانكم كما ورد في الحديث الشريف.. ولكن الذي نحن ضده بالتأكيد هو قيام كثير من الاخوة الوافدين بممارسة أعمال ضد النظام، وفي مقدمتها (ممارسة التجارة) وخاصة تجارة التجزئة، والتي يقصرها النظام على السعوديين ومواطني دول الخليج العربي في معاملة بالمثل. (التستر منتشر) إن المبالغ التي يحولها المتستر عليهم مبالغ طائلة هائلة أكثرها خارج النظام المصرفي، وبعضهم تصل به الجرأة إلى تحويل جزء منها عبر المصارف لأنه لا يجد رقابة كافية.. وفوق أن تلك المبالغ الطائلة تشكل نزيفاً متواصلاً في اقتصادنا الوطني، فإن التستر يخنق كثيراً من المواطنين وخاصة الشباب أصحاب المشاريع الصغيرة ومتاجر التجزئة، وقد يحرم كثيراً منهم الحصول على لقمة العيش، بل قد يصيب الكثيرين بالخسارة رغم جد الشباب واجتهادهم، لأن منافسة الوافدين المتستر عليهم لشبابنا منافسة شرسة، وغير موضوعية، وفي بعض القطاعات يتكتل الوافدون من جنسية واحدة، والمتستر عليهم ليمارسوا التجارة، يتكتلون ضد أي تاجر سعودي يفتح حولهم، وضد أي شاب سعودي يفتح متجراً جديداً عندهم طلباً للرزق، فيبيعون ولو بخسارة مؤقتة حتى يحرجوه ويخسروه ويخرجوه من السوق ثم يعودوا للتحكم في السوق.. (المنافسة غير موضوعية) والمنافسة بين شباب الأعمال السعوديين وبين الوافدين الذين يمارسون التجارة تحت مظلة التستر، وضد النظام، هي منافسة غير موضوعية ولا واقعية ولا تقدم فرصاً متكافئة ولا مساواة في نقطة الانطلاق وذلك لعدة أسباب واضحة ومن هذه الأسباب: 1- ان الوافد لا أسرة لديه هنا، وبالتالي فمصاريفه الشخصية ضئيلة جداً، وهو يسكن مع عشرات أمثاله بأبخس الأسعار، بعكس التاجر السعودي الذي له أسرة وأهل وأعباء سكن ومصاريف وأطفال، ولهذا يستطيع الوافدون المتستر عليهم القضاء على أي تاجر سعودي جديد ينافسهم لأنهم مستعدون للبيع بهامش ربح لا يكاد يذكر حتى يتم طرد التاجر السعودي فيبيعون كما يريدون. 2- وقت الوافد مسخر كله لمتجره الذي ربحه له تحت مظلة التستر ومقابل فتات يعطيه لكفيله الذي خالف النظام ولم يعط الوطن والمواطنين حقهم بل عمل ضدهم.. فالوافد لا يوجد لديه أي ارتباطات اجتماعية هنا، لا زوجة ولا أطفال.. لا أم ولا أب ولا أقارب.. متجره هو وقته كله.. والتزامه كله.. ولهذا فهو يفتح المتجر باستمرار، ويظل فيه كأنه مسمار في خشبة.. يلازمه ملازمة.. لا عمل لديه ولا ارتباط ولا هم سوى هذا المتجر ليحقق ثروة ثم يترك بلادنا وينعم بما حول إلى نهاية العمر!! أما التاجر السعودي (ومعظمهم من المبتدئين المكافحين - فإن لكل واحد منهم هنا في بلده زوجة وأطفالا وأما وأبا وإخوة وأقارب، ولكل واحد من هؤلاء الأعزاء حق، غير الارتباطات الاجتماعية المختلفة من زواجات وأصدقاء وواجبات اجتماعية، وغير الأوقات التي يقضيها مجبراً خارج المتجر كإيصال زوجته أو أطفاله أو من يعول، وعلاجهم وقضاء حوائجهم الضرورية.. وبالتالي فإن التاجر المواطن لا يمكن بحال من الأحوال أن يظل في متجره وكأنه مسمار في خشبة كما يفعل الوافد المتستر عليه، وهنا يتفوق الوافد بكثرة التواجد وملازمته للمتجر وتحلله من أي ارتباط غير المتجر والكسب.. 3- يستطيع الوافد المتستر عليه أن يبيع بهامش ربح ضئيل دائماً أقل من منافسه السعودي، لأن الوافد يعني له هذا الربح الضئيل الكثير إذا قارنه بالعائد الذي سيحصل عليه لو كان في بلده (الفرصة البديلة) يضاف إلى هذا ضآلة مصروفاته هنا وانعدام واجباته المالية وارتباطاته الاجتماعية.. (قصر مهنة البائع على السعوديين) هذا الاقتراح سبق أن كتبته وسوف أكرره، لأنه في نظري هام جداً، ويقضي على التستر والبطالة معاً، ولا أدري لماذا لا يتم تطبيقه؟ فإن مزاولة التجارة في معظم دول العالم مقصورة على مواطني البلد.. ذلك أن مهنة (البائع) توفر فرص عمل هائلة، وفرص كسب جيدة، وتضيف للناتج الوطني الكثير حين تكون مقصورة على آلمواطنين، أما حين يستولي عليها الوافدون المتستر عليهم فإنها تأكل من الناتج الوطني ولا تضيف إليه، فما يحوله الوافدون المتستر عليهم لبلدانهم من عملات صعبة بالمليارات سنوياً، هو نزيف في الاقتصاد (الناتج الوطني)، إن قصر مهنة (البائع) على السعوديين فقط ليس صعب التنفيذ، بل يحتاج الى إعلان القرار مع مهلة كافية، ثم تتوالى الحملات للتأكد من وجود السعودي في متجره (ولا يمنع أن يوجد معه وافد يساعده) والحملات من كل الأجهزة، التجارة والبلديات والدوريات والشرطة لأنه قرار هام يقضي على البطالة المزعجة والتي هي أم الرذائل والأمراض والجرائم، ويجعل النقود تدور داخل الاقتصاد المحلي بدل أن تطير الى الخارج بسرعة الصاروخ.. ومهنة سائق الأجرة وهذه سبق عدة قرارات من وزارة العمل بقصرها على السعوديين ولكنها لم تنفّذ بعد مع الأسف، ولا أدري لماذا مع أهمية تنفيذها، لأن كثيراً من المواطنين الذين مؤهلاتهم الدراسية ضعيفة بارعون في قيادة سيارات الأجرة، وهي توفر لهم فرص عمل كثيرة، ودخلاً طيباً يكفي أسرهم ويفيض.. ولكن في ظل منافسة الأجانب على قيادة سيارات الأجرة - وهم الأكثرية الموجودة في الشوارع الآن - فإن سائق الأسرة السعودي يصاب بالإرهاق والإحباط لانعدام المنافسة الموضوعية بينه وبين الوافدين لنفس الأسباب المذكورة أعلاه في موضوع التجارة.. إن مهنة (سيارة الأجرة) توفر نوعية من المهن تنفع عدداً هائلاً من المواطنين الذين لا يجيدون غيرها، وتكفيهم شر الحاجة والعوز، وتوفر لهم فرص حياة كريمة في وطنهم.. نأمل سرعة تطبيق القرار، ودعم بنك التسليف لإقراض السعوديين الراغبين في شراء سيارات أجرة.