غريب جداً أن تجد في بعض الصحف العربية مفاهيم عن الاقتصاد كما لو كان ميلاده قد تم في أشهر أو سنوات قليلة، أو كما لو كنا في العالم العربي ندخل أجواء تحرك جديدة لتطور أوضاع المجتمعات بما هو جديد لم نكن نعرفه من قبل.. تقرأ فتجد أن الرأس المال المادي يحظى باستقبال جيد وحفاوة ليست بالجديدة، حيث تعوّد «رأس المال» أن يحظى بأي تقدير يستقبله في ميادين العمل الخاص به، وهنا ينشأ مفهوم يحدد من يستفيد بالمال باسم من يملكه أو يوظف في مجالات أعماله.. هنا تعريف محدود وقديم وليست له علاقة مسؤولية تختص بالمحتاجين إلى وظائف ضحايا البطالة؛ لأن الملكية المحدودة هي أيضاً ذات شأن محدود فيما يخص المستفيدين منها.. الاقتصاد لا يقف عند هذا الحد الذي عرفنا رمته باسم «التاجر» حيث إن الاقتصاد الحقيقي هو تنوع في تحريك المال نحو العديد من الاستفادات التي تختص بكثير من مجالات التحرك المالي ليس فيما يخص من يستفيدون منه كملاك، ولكن ممن يستفيدون منه كقدرات عديدة لا تغنى بهبة التبرع وإنما بالاستفادة من أنماط عمل عديدة.. تعال إلى المملكة في زمننا غير البعيد قل قبل ستين عاماً مثلاً أو حتى أربعين وستجد أن الإمكانيات كانت محدودة للغاية وكذا الأسماء البارزة مالياً رغم تصاعد قدراتها محدودة أيضاً، وبالتالي -وهذا طبيعي- تكونت مجموعة ملاك قليلة، ومجموعات محتاجين إلى منافذ عمل ووسائل أرباح وعندما انطلق التجديد الاقتصادي الذي رعاه الملك عبدالله وفي أكثر من عشرات المدن سعودياً وبتعدد تخصصات الممارسة ثم الأرباح وجدنا أن المملكة هي أول من اتجه إلى واقع التنوع الاقتصادي هي الدولة التي كانت توصف سابقاً بالبداوة ثم الاحتكار، ومن المضحك أن التحريم كان يتناول بعض المهن سواء بنوعية ذاتها أو بوجود مشاركة أجنبية غير عربية فيها، ونحن نعلم وببساطة أن الوصول إلى زمالة الدولة المتقدمة اقتصادياً هو خروج واقعي وجيد تعدد النتائج بتعدد فئات الاقتصاد وبجزالة تعدد القدرات الاقتصادية الأجنبية.. واقع الوصول الاقتصادي الذي اتجهت إليه المملكة حبذا لو أن دولاً عربية تمكنت من استعادة جزالة واقعها الاقتصادي القديم قبل ستين عاماً تقريباً أو أن أخرى كانت مثلما فعلت تونس قبل أعوام ليست بالطويلة عندما تقاربت مع النمط الأوروبي ودخلت في زمالات مع ذلك النمط.. إن التوظيف ومواجهة البطالة لا يقفان عند قرارات وعود بوجود واقع إنصاف من جهة محددة هي غالباً الدولة، وإنما تتم الاستفادة الواقعية والمتنوعة بفتح كثير من آفاق النشاط الاقتصادي بحيث تبقى المعونات لمن هم عاجزون صحياً عن ممارسة العمل.. ويصح أن تؤخذ المملكة نموذجاً لتعدد فعاليات التنوع الاقتصادي، فالدولة لم تقبل التوقف عند ثورة البترول والكل يعي أن عائد البترول يغطي كل تكاليف تريدها الدولة، لكنها أي الدولة استطاعت أن تتجاوز هذا التميز إلى تعدد فتح منطلقات اقتصادية وفي كثير من المناطق من شأنها أن تطور قدرات المواطن ومصادر دعمه علماً بأننا نقرأ بعض المفاهيم السخيفة عربياً التي تتصور المملكة مجرد تاجر بترول، بينما الواقع الواضح يؤكد أنها الدولة الأولى في تعدد نوعيات الاقتصاد، وهذا قاد إلى تعدد زمالات اقتصادية دولية.