لن يحتاج الأمر إلى شواهد إقناع لما هو مطلوب من تقدم أكثر وأكثر فيما بين الدول الخليجية من علاقات.. حتى لو استعرضنا حقائق أوضاع العالم العربي وتعدد مصادر خصوماته.. ومن المضحك أنها تسهل فيه مظاهر صداقات مع دول بعيدة جغرافياً، ويصعب ذلك.. بل هو خصومات.. مع دول جوار عربي.. والشواهد كثيرة عبر عشرات الأعوام الماضية؛ مثلاً حين كانت روسيا الشيوعية قبل ستين عاماً هي الأقرب إلى سياسات عربية معينة، فيما كانت تلك السياسات تنمي خصوماتها العربية لكي تعتبر عند مفاهيمها خصومات مع تخلّف.. وحالياً هناك حالات تراجع مخيفة تجتاح العالم العربي، ولا أتصور أننا بحاجة إلى التوقف عندها حيث أن للحقائق وجودها الواضح.. المجموع الخليجي بعيد جداً عن هذه الأوضاع والمفاهيم.. في البداية لم يتطور في موكب واحد ولكن تواصل التطوير جمعه في واقع تقدم يفوق كل الأوضاع العربية.. ومن المذهل تاريخياً أن الإطار الخليجي لم تهدده أبداً خصومات داخلية، ولم تستعن دولة خليجية ضد أخرى بنفوذ قوة غير خليجية وغير عربية تبحث عن وسيلة تسرب إلى داخل الحضور الخليجي.. لا شيء من ذلك إطلاقاً، فالكل الخليجي يحظى بواقع تقدم ليس بالسهل، وله شمول يحتوي منجزات حضور جيدة للغاية في مجالات الاقتصاد والعلوم والسياسة والحماية المشتركة لكثير من خصائص التحديث والتطوير.. الأمر الذي يجعل المجموع الخليجي ليس في حاجة إلى عضوية خلافات شرق أوسطية التي تتعدد مظاهرها وتتعدد أيضاً محاولاتها الفاشلة دون أن يؤثر ذلك في المسار الخليجي.. لكن مهمة الوصول إلى ضمان مستقبل يواصل حقائق تباعد الواقع الخليجي عن كل سلبيات الواقع العربي وكذا واقع دول الجوار غير العربية.. إن دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدول الخليجية بالخروج من علاقات التعاون إلى حقائق تقارب توحّد قدرات الأمن والاقتصاد والكفاءة العسكرية وتلاحق مبررات الوحدة العربية أمر لن يسيء إلى واقع أي دولة خليجية، ولكنه يفتح واقع حصانة فيه تجديد الحضور السكاني والأمني والاقتصادي الذي سيكون نموذج تطور عربي لم تجارِه أي مساحة وجود عربي آخر.. نذكر بالتقدير أن مجتمعنا الخليجي في أي مكان من تعدّد مجتمعاته لم يمر إطلاقاً بواقع خصومات ولم تتم فيه - كما في غيره - ممارسات إشراك قوى غير خليجية للتأثير بدافع خليجي خاص.. على العكس.. هناك صلات عديدة من الاحترام المتبادل.. وعالم اليوم الذي سهّل لدول أوروبية مع تعدّد اللغات وتنوّع الديانات أن تصل إلى حضور دولي أبعدها عن المخاطر.. فلماذا، والدول الخليجية تملك أوفر مبرّرات التقارب وأصدق علاقات التعاون، لماذا لا تتجه إلى فرض حقائق الإيجابيات السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية حتى لا يكون التعاون وحده وسيلة تقارب..