الفن هو مغامرة ممتعة لا يعرف طعمها إلا من غاص فيها وجرب حلاوتها وتلذذ بكل ما فيها من ألوان، وقد يكون لها طعم مر لاذع، فأحيانا عندما نقوم بعمل فني لا يروق لنا نسارع بتمزيقه أو رميه أو وضعه في ركن قصى من اركان الغرفة حتى لا يراه أحد. هل تساءلتم يوما عن السبب؟ يقول أحد العلماء النفسيين أنه اذا قام أحد بعمل رائع في حالة نفسية سيئة او ليست بجيدة فإنه سرعان ما يحاول إخفاءه كي لا يراه الاخرون ويحسون بضعفه او حزنه اثناء رسمه لتلك اللوحة، انها صورة صامتة تعبر عما يحدث داخل النفس البشرية، فالانسان - في الغالب - يحاول اخفاءه كي لا يُهاجم او يُنتقد من قبل الآخرين كما ذكر العالم النفسي فرويد في احدى نظرياته المتعلقة بالعلاج النفسي بالفن التشكيلي حيث يقول: (يستخرج الإنسان ما في اللاشعور عن طريق تحريك يديه على اللوحة الفنية)، وأنا أتفق بشكل كبير مع هذا العالم فمن خلال تجربتي مع العديد من الأمراض يمكنني القول إن كل ما ينتج على الرسمة ليس من الخيال الخارجي بل هو مخزن في اللاشعور و تخرجه اليد على شكل رموز وأشكال فنية. من الصعب على كثيرين رؤية ما يخفيه الانسان من أحزان داخل لوحته ولكن في وسع المتمرس والأخصائي المختص في العلاج بالفن التشكيلي قراءة ما بين الخطوط وتحليل ماهية الالوان والأشكال، والتنبؤ بشخصية من قام برسمها، وأيضا اخضاعه لبعض جلسات العلاج بالفن التشكيلي التى تساعد على تفسير أو قراءة رسوماته، كما يمكنه التطرق الى عدد من الحوارات التى قد تساعد على حل بعض تلك المشكلات او الاضطرابات التى مر بها الشخص من خلال رسوماته. اذا احسست بضيق أو اردت التحاور مع نفسك او تفريغ بعض الشحنات السالبة، ما عليك سوى ان تمسك بريشتك وتضع أمامك لوحة الكانفس وتبدأ في الرسم، ليس من الضروري أن يكون رسما فنيا متقننا، وليس من الضروري ايضا الرضا التام عن اللوحة، ولكن لان لكل مشكلة حلاً دع ما قمت برسمه وابعد قليلا وعند الشعور بالسعادة عد وقم بالتعديل في اللوحة بإضافة بعض الالوان او طمس بعضا مما رسمت أو التعديل على بعض الجزئيات غير المريحة، ومن ثم ابعد قليلا عن اللوحة والق نظرة على ما قمت به من تعديل وحتما ستجد ما تبحث عنه. نحن لم نخلق لنكون في سعادة ابدية، ولا حزن دائما، فالحياة كالأمواج تارة تعلو وتارة تنزل وتستكين، ويجب علينا دائما تغيير ما يمكننا تغيره من سلبيات موجودة في حياتنا حتى وان كان بعد حدوثها. * أخصائية العلاج بالفن التشكيلي