مدخل: بلغة الشعر الشعبي يستطيع الشاعر المتمكن أن يعبر عن ما يريد بأسلوب واضح لا تعقيد فيه ولا غموض، بنفس القدرة البيانية التي يمتلكها شاعر الفصحى - مع اختلاف اللغة - وندلل على ذلك بالنموذجين التاليين مقطوعة من الشعر الشعبي، ومثلها من الشعر العربي الفصيح..! أعجبتني الأبيات التالية - وأعتقد أنها كذلك بالنسبة لمن يطلع عليها - أقول: ما شاء الله على هذا الشاعر الذي ساعدته موهبته الشعرية بأن يأتي بهذه الأبيات على هذا السياق وهذا النسق الجميل المؤثر، وأغبطه على شاعريته وحسن تعبيره وتصويره، في هذه الأبيات القليلة حرّك المشاعر ونبه القلوب الغافلة لأمر جداً مهم؛ جعل المتلقي النابه المدرك يفكر مليئاً بحاله ويحاسب نفسه ويتصوّر ما ينتظره في الدار الباقية عند ارتحاله من الدار الفانية هذه الأبيات القليلة عدداً الكثيرة فائدة تحفز الإنسان المؤمن وتجعله يردد مع الشاعر هذه الابتهالات برجاء العفو والمغفرة من الغفور الكريم، الرحمن الرحيم، الذي بيده كل شيء وهو على كل شيءٍ قدير. صح لسان الشاعر متعب التركي .. على هذه الاضاءات الجميلة. يا رب يا منجي نبيك من الحوت سترك وعفوك يوم كشف الخفايا اشكيك هم داخل الصدر مكبوت وأيامي اللي بالخطايا ملايا رحماك لا منا صحينا من الموت واليا وقفنا عند بابك عرايا باكر ليا جينا على داعي الصوت شيبان وأطفال وشباب وصبايا يا رب تهديني قبل لحظة الفوت وتغفر ذنوبي يا كريم العطايا هذه هي رسالة الشعر السامية التي يحملها كل شاعر مخلص لنفسه ومجتمعه، يقول كلمة الحق ولا ينتظر أجرها إلاّ من الباري عز وجل، والشعر من دون رسالة لا فائدة منه. في كتب التراث نقرأ الأبيات التالية للشاعر العباسي الحسن بن هاني، المعروف بأبي نواس وهي أبيات تتضمن التضرع إلى الله، وعدم اليأس من رحمته تعالى مهما عظمت الذنوب، والله رؤف رحيم. يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم أدعوك ربي كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم مالي إليك وسيلة إلا الرجاء وجميل عفوك ثم أني مسلم