قبل فترة من الزمن أرسلت مقلاً حول قيادة المرأة للسيارة إلى الصفحة المحببة إلي (الرأي) انتظرت نشرها مباشرة وكأني أحد كبار الكتاب مر يوم ويومان وثلاثة قلقت حيال تأخر النشر وبدأت الشكوك تساورني أن المقال المرسل بالفاكس قد ضل طريقه إلى الجريدة ولم أغفل احتمال أن مصيره قد آل الى هلاك، أخذت في نفسي على المسؤول في الصفحة فإذا بي أشحن نفسي بنفسي حتى بدأ الغضب يكبر شيئاً فشيئاً إلى أن وصل مستوياته العليا -كأسعار البترول- هذه الأيام لدرجة أنني بدأت أحاول قفز صفحة الرأي وابتكر لأجل ذلك وسائل عدة منها التحدث إلى من بجانبي وأنا أطوي هذه الصفحة رغماً عني وإذا لم أجد أحداً بقربي ألصقت ملصقاً أو علكاً يضم صفحة الرأي بسابقتها أو بتاليتها حتى أحسها صفحة واحدة فأنا (زعلان عليها) ولا أتحمل إهمال ما كتبته وإلى الآن وأنا في ظني أنني كاتب كبير يشار إليه ليس بالبنان فحسب بل بأصابع اليدين و الرجلين سوية. كل ذلك لم ينجح في إبعادي عن تلك الصفحة فلم أحتمل البعد عنها لأكثر من أسبوع فأنا في حال قفزي لها أحس أنني لم (احلل) الريالين اللذين اشتريت بهما الجريدة لذا لابد من إكمال قراءة الصحيفة دون نقص رغم (زعلي) على صفحتي العزيزة الذي كتمته طوال شهر مضى لم أرسل خلاله مقالاً واحداً احتجاجاً على عدم نشر المقال آنف الذكر ولم ينفس عن غضبي سوى رسالة بسيطة أرسلها المسؤول عن الصفحة يعقب فيها على موضوعي (العظيم في خاطري) بأني قد بالغت في أسلوبي الساخر أثناء طرحي للموضوع وطلب مني بكل أدب محاولة الكتابة بجدية أكثر. أحسست حينها أن فاكسي لم يكن (احول) كما ظننت بل أرسل مقالي إلى مبتغاه ووصل إلى قواعده سالماً. لذا أقدم اعتذاري الشديد للفاكس بسبب سوء ظني به وما حال دون نشره لم يكن سوى شوائب السخرية، كان هذا الرد بمثابة الوقود الذي أشعل قلمي لكتابة مقال آخر وآخر بعد أن كنت قد أتممت تغسيله وتكفينه وهممت بدفنه مع دعائي له بالرحمة ليأتي الإنقاذ برسالة سريعة خزنتها في صندوق الوارد لتكون درساً اعتز به من أساتذة دأبوا على نشر إبداع القراء بعد كل ما حدث أدركت أنني كغيري الكثير ممن تتحكم عواطفنا بنا، متسرعين في أحكامنا، لانعطي للطرف الآخر مجالاً لإبداء وجهة النظر فنحن أصحاب المقولة الشهيرة (أبي ألعب وإلا بأخرب) لا نحتمل نقداً ولا نقبل توجيهاً فنحن في نظر أنفسنا كاملين مكملين لا ينقصنا شيء. لا أخفيكم سراً أنني تمنيت نشر مقالي السابق ولكن على نفسها جنت براقش فأنا من تسبب في عدم نشره لذا سأكون أكثر حرصاً في مقالاتي القادمة وأكثر جدية في الطرح مع أني لا أحسن ذلك كثيراً.