هذا مثل من الأمثال الشعبية القديمة التي لازالت مستخدمة حتى عند فئة الشباب وصغار السن، ورغم أنه معروف لدى الكثيرين فقد تتفاوت دلالة استخدامه مثلما اختلفت مصادرالتراث في شرحه وتفسيره، فقال الأديب عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله - في كتابه الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب إن: ( الذيب معروف بذكائه المفرط وجشعه وشرهه وكثرة إفساده إذا وجد الغنم فإنه يقتل منها كلما يستطيع قتله فيأكل مما قتل ثم ينقل الباقي إلى أمكنة متفرقة فيخفيه فيها ثم يعود إليها إذا جاع، فإذا رأى الناس إنساناً جشعاً حريصاً على أخذ وامتلاك كل شيء سواء كان ذلك حلالاً أو حراماً فإنهم يقولون عنه إنه ذيب أمعط). وفي كتاب الأمثال الشعبية السائرة في منطقة حائل قال الأستاذ عبدالرحمن السويداء في شرحه للمثل: (المعط: الجذب والنهب بقوة وسرعة.. والذئب يهجم على فريسته ويجذب ملء فمه منها بقوة وسرعة خاطفة، ويشبه به الرجل الذي يفعل فعله، ويضرب المثل للدلالة على الرجل الشجاع الحذر). وأرى أن التفسير الصحيح يعتمد على المعنى الفصيح لكلمة (أمعط) لأن كثيراً من الكلمات العامية منشؤها فصيح، إذ جاء في لسان العرب أن: (ذئب أمعط: قليل الشعر وهو الذي تساقط عنه شعره.. وإذا قيل: لِصّ أمعط على التمثيل بذلك: يشبه بالذئب الأمعط لخبثه). وعلى ذلك فالمرجح أن (ذيب أمعط) استخدام عامي أصله فصيح معناه المباشر الذئب قليل الشعر، لكن الخبث والمخاتلة والمباغتة والذكاء والقوة والإقدام والشجاعة والبطش هي صفات عرفها الناس منذ القدم عن الذئب، ولهذا فالمثل يضرب للدلالة على واحدة من تلك الصفات أو أكثر بحسب سياق الكلام، والدليل أن استخدام المثل في أحاديث الناس، وبخاصة في منطقة نجد، متفاوت في الدلالة، فتارة ينصرف إلى صفة سلبية وتارة إلى صفة إيجابية. فمثلا يمكن أن يوصف ب(ذيب أمعط) التاجر (المراوغ) الذي لديه قدره على السبق في الصفقات، والصياد (الماهر) المتفوق على أقرانه في ميدان الصيد، وهكذا.