يبقى للمرأة دورٌ راق بين أفراد أسرتها منذ أن تكون طفلة صغيرة إلى أن تصبح زوجة، ثم أماً مسؤولة عن تعليم ورعاية أجيال من أبنائها، لتخرج من ذلك الحيز المجتمعي الصغير للاهتمام بعالم أكثر اتساعاً، وتشارك بهمتها العالية المعهودة، فنجدها تتفاعل بدور عظيم ووظيفة جليلة في ممارسة العمل التوعوي بمختلف صوره وأشكاله، وذلك بما تمتاز به من قدرات، وإمكانات، وسمات شخصية، ونفسية، وعاطفية، ومن أهم ما تتميز به المرأة قدرتها العاطفية وسرعة استجابتها؛ فقد أثبتت البحوث العلمية والملاحظات الفردية أن القدرة العاطفية هي السمة الأساسية التي تتسم بها المرأة، ويمكن توظيف واستثمار هذه السمة في مجال العمل الخيري بين بنات جنسها وحتى مع سائر أفراد المجتمع، لأنّها أقدر على التعامل، لقُدْرتها على التأثير، والإقناع، واستثارة العواطف، وميلها لحب الخير والعطاء. المبارك: الطالبات والمعلمات نشرن الوعي في مجتمعهن حول أثر التدخين السلبي ومما يلفت نظر المتأمل والمتابع أهمية دور المرأة في العمل التطوعي، حتى إنّ المنظمات الخيرية الغربية تستثمر الطاقات والقدرات النسائية بشكل فعَّال في العمل الخيري والتطوعي، وتقدم للعاملات وتوفر ما تحتاجه من دعم مادي ومعنوي يساهم في إطلاق قدراتها وطاقاتها الفكرية والاجتماعية والإبداعية لتشارك في بناء الصرح الخيري. معلمات مع مجموعة من المشاركين في الحملة التوعوية وقد سعت وزارة التربية والتعليم إلى غرس هذه القيم في نفوس الطالبات ونظمت لهم برنامج «نحو بيئة افضل» ليكون مجالاً تنافسياً في العمل التطوعي على مستوى المملكة، واشترك فيه ما يزيد عن (374) مدرسة ثانوية من (43) إدارة للتربية والتعليم موزعة على جميع مناطق ومحافظات المملكة، وكان من مميزات البرنامج أنّه يتجاوز القسم المحلي للمدرسة ويتعداه إلى كافة أنحاء المدينة ليشمل المدارس المجاورة، والحدائق، والأسواق، وقد حققت المدرسة الثانوية الرابعة عشرة بحي «أم الحمام» في «الرياض» المركز الأول، حيث أطلقت حملة توعوية في المجتمع المدرسي وأسر وذوي الطالبات والمعلمات حول التدخين السلبي وأضراره. زارت الحملة الأسواق التجارية ووزعت منشورات توعوية توعية مستهدفة وقالت الاستاذة «منى المبارك» -مديرة المدرسة-: «حددنا الهدف الرئيس من الحملة وهو نشر الوعي في المجتمع بأثر التدخين السلبي على غير المدخنين والبيئة، وتوعية الشريحة المستهدفة والتي تشمل الطالبات والمعلمات وأسرهم حول مفهوم التدخين السلبي، وتم عمل مسابقة بين طالبات ومعلمات المدرسة لإختيار شعار الحملة، وتم تصميم شعار الحملة (رئتي مستاءة.. أطفئ السيجارة قبل أن تطفئ حياتي)، كما تم توزيع استبانة عن التدخين السلبي موجهة للمدخنين، وأظهرت النتائج أن أغلبهم يجهل الكثير من الحقائق العلمية حول خطر التدخين، وتم توزيع استبانة أخرى للطالبات اللواتي لديهن مدخن يحددن فيها مستواهم التعليمي، والاجتماعي، والثقافي، والاقتصادي، حيث أظهرت الدراسة أنّ كلما ارتفع المستوى التعليمي والدخل قلّ عدد المدخنين، وتم اجراء مقابلة للطالبات اللواتي يتعرضن للتدخين السلبي للتعرف على شعورهن، والحلول المقترحة لتفادي التدخين». توزيع النشرات عن التدخين على مدارس البنين المجاورة زيارات ميدانية وأضاف «منى» أنّه تم تنفيذ الخطة التوعوية من خلال إرسال رسائل عن تأثير التدخين السلبي على غير المدخنين لولي أمر الطالبة التي لديها شخص مدخن، عن طريق خدمة «هاي سكول» التابعة لجوال المدرسة، وارسال رسائل توعوية للمجتمع عبر «توتير» و»فيس بوك» و»واتس اب» و»بلاك بيري»، وتم عرض تسعة مواضيع هامة عن التدخين السلبي وأضراره في الاذاعة المدرسية، كما تم تصميم لوحات حائطية عن خطر التدخين، وبعد ذلك دخلت الحملة إلى مرحلة جديدة وهي التوجه للمجتمع الخارجي بزيارات الطالبات والمعلمات للحدائق والأسواق والمدارس، وتوزيع ملصقات الحملة، مع تقديم عروض مرئية متنوعة عن أثار التدخين السلبي على غير المدخنين أثناء الزيارات الميدانية للمدارس الأخرى، كما كتبت الطالبات المستاءات من أقاربهن المدخنين رسائل طبعت بعنوان «من طالبات الثانوية الرابعة عشرة»، كما تمت طباعة كتيب «إحساس الليالي» والذي يحكي قصة طالبة عانت من التدخين. أثناء زيارة الحملة لإحدى الحدائق محاضرات توعوية وأشارت إلى أنّه تم الاتفاق مع «جمعية نقاء» لدعم الحملة، وتنظيم محاضرة توعوية للطالبات والأمهات ومعرض توعوي، وعيادة طبية تقيس مستوى «النيكوتين» بالدم للطالبات والمعلمات المعرضات للتدخين بصفة يومية، وتزويدهم بمنشورات ووسائل توعوية متنوعة، وتفعيل حصص الإحتياط بعروض مرئية متنوعة عن أضرار التدخين السلبي ولمدة أسبوع كامل، وتم تنظيم فعاليات وأنشطة للحملة داخل سوق «بانوراما» تحت إشراف المعلمات «لطيفة العبدالكريم» و»أمال البقمي» و»تهاني الربيعة» ومجموعة من طالبات المدرسة، وتضمنت فعاليات الحملة أنشطة للأطفال، والمتمثلة في ركن التلوين، وركن عجينة السيراميك، وركن العرض السينمائي، وركن لرسالة من طفل إلى مدخن، وأطفال متطوعين لتوزيع النشرات التوعوية، وبعض الهدايا ودفاتر تلوين لرسومات عن أضرار التدخين أعدتها طالبات المدرسة، كما تم عمل اختبار ذاتي لأولياء أمور المتسوقين لتقييم مدى وعيهم بأضرار التدخين السلبي، وتم إجراء اختبارات لقياس كفاءة التنفس ونسبة «النيكوتين» في الجسم، والرد على استفسارات وتساؤلات المرتادين حول التدخين وأضراره. جمع البيانات وذكرت الاستاذة «ابتسام الوابلي» -مشرفة الحملة المعلمة بالمدرسة- أنّهم حددوا قبل البداية أبعاد وجوانب المشكلة من مختلف النواحي، ومن ذلك العلاقة بين التدخين السلبي والمشكلات الصحية، والعلاقة بين التدخين السلبي والإنجاب، وأثر التدخين السلبي على الأطفال، وآثاره النفسية والاجتماعية، وتم حصر المدخنين في شريحة عوائل المدرسة فوجدنا من بين (373) عائلة يوجد (119) عائلة لديها مدخن، والاستبيانات القبْلية عن التدخين السلبي والاستبيانات البعدية عن التدخين السلبي، وجمع البيانات عبر الشبكة العنكبوتية. تفوق وريادة وعبرت المعلمات وجميع والطالبات عن سعادتهن بتحقيقهن الأهداف الرئيسة للحملة وتوعية المجتمع المدرسي والمحيط بخطر التدخين عموماً والتدخين السلبي على وجه الخصوص؛ مما ساهم في تحقيقهم للمركز الأول على جميع مدارس المملكة، مؤكدين على تفوقهم وريادة إدارتهم التي تضم قيادات تربوية مميزة ومبدعة. برنامج تدريبي وأثنت الاستاذة «عائشة القحطاني» -مشرفة عام النشاط العلمي بوزارة التربية والتعليم ومعدة البرنامج- على ما حققته المدرسة من انجاز، مقدمةً الشكر إلى جميع المناطق التي نفذت البرنامج، ومهنئةً إدارات التربية والتعليم ومنسوبات المدارس الفائزة بالمرحلة الوطنية، مبيّنةً أنّ برنامج «نحو بيئة أفضل» استهدف جميع إدارات التربية والتعليم، وتمكنت (42) إدارة تعليمية من تفعيله، حيث نفذت (374) مدرسة البرنامج، وبذلك تم تصميم (374) حملة توعوية في جميع المناطق والمحافظات، تنوعت موضوعاتها، وشملت فعالياتها الأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى الميدان التربوي، مضيفة أنّ التهيئة للبرنامج نفذتها الإدارة العامة لنشاط الطالبات بتنظيم برنامج تدريبي حولقيادة وتنفيذ الحملات التوعوية.