لم أكن أعرف معنى مفردة درباوي حتى شاهدت تقريراً على قناة العربية يتحدث عن ظاهرة التفحيط وطيش الشباب. المفردة حسب التقرير مأخوذة من موقع على شبكة الانترنت اسمه (درب الخطر) يُنشر فيه مقاطع للتفحيط ويتم تداول الحكايات والقصص والمغامرات التي يقوم بها الشباب. في التقرير المصور عُرضت لقطات لحركات شديدة الخطورة يمارسها شباب متهور لا مبال بحياته ولا بأرواح الآخرين. كان التحدي أن يقوم أحدهم بالتفحيط حتى تنفجر إطارات سيارته عندها ينال الإعجاب والتصفيق. الغريب في الأمر هو تواجد جمهور كبير من المشجعين وهو ما يدفع المُفحط للانتشاء والتهور أكثر فأكثر. الجمهور بدوره مُعرّض للخطر إذ ربما يفقد المفحّط سيطرته على السيارة فتنحرف ناحيتهم وتقتلهم وقد حدث مثل هذا كثيرا، ومع ذلك لم يرعوِ الجمهور، فالبعض يسافر إلى أماكن بعيدة ليستمتع بمشاهدة جولات من الجنون قد تنتهي بحفلة من الدماء والجثث. حكاية التفحيط ليست بجديدة وسبق طرحها في أكثر من وسيلة وتمت مناقشة الأسباب من قبل مختصين في جهاز المرور وعلم الاجتماع والنفس وغيرهم. الكل أدلى بدلوه وقال رأيه في كيفية الحد من هذه الظاهرة القاتلة لشباب في عُمر الزهور. كاتب هذه السطور تناول قضية التفحيط أكثر من مرّة سواء هنا في هذه الزاوية أو في التلفزيون. اليوم أجدني مدفوعاً للعودة للموضوع بسبب تزايد ممارسة التفحيط خصوصاً بعد خروج التلاميذ من مدارسهم ومن ثم يركبهم شيطان التهور فيدخلون دوّامة الخطر حين يمارسون التفحيط المجنون. لا يقع اللوم على الشباب وحدهم في هذا الجنون بل يتشارك معهم المجتمع في اللوم. الأهل والأجهزة المعنية والمؤسسات الرسمية كلهم مسؤولون عن وجود هذه الظاهرة واستمرارها بل وتناميها. قولوا بربكم أين يذهب اليافع في وقت فراغه الطويل؟ ما هي الأنشطة التي تستهوي الشباب وتجذبهم بعيداً عن الدوران في الشوارع بلا هدف؟ أين الفعاليات المُثيرة والترفيهية الموجهة لهذه الفئة المندفعة بفعل فوران سن المراهقة الجارف؟ إذا لم يهتم بهم أحد فهل نتوقع منهم الانضباط والسلوك السويّ من ذوات أنفسهم؟ شبابنا محرومون من وسائل وأماكن الترفيه الجاذبة، لهذا توقعوا منهم الجنوح والعناد والتحدي. لا يعني كلامي هذا تبرير تلك الأفعال المجنونة أبداً لكنني أُطلق صافرة الإنذار كي نتحرك بسرعة وإلا فالعواقب لا تُبشّر بخير.