لماذا استطاع باسم يوسف أن يؤثر على المتلقي أكثر من غيره؟! في برنامجه "البرنامج" أمسك باسم يوسف بخيط نقدي نادر، فهو يبث أفكاره من جهة، غير أنه يبثها بشكل ساخر مصطحباً مقاطع من القنوات الفضائية يعلق عليها أو يسخر منها. نقده بشكل أساسي موجه ضد التيارات الأيديولوجية ومن بينها الإخوان. باسم يوسف من المناصرين للدولة المدنية حتى قبل أن يأخذ كل هذه الشهرة. فهو الطبيب الذي وجد نفسه في الإعلام. يقدم البرنامج ضمن فريق إعداد تجاوز الثمانين ويمارس قوة نقدية أزعجت الديناصورات الأيديولوجية المصرية سواء ممن هم على سدة الحكم أو من القياديين في جماعة الإخوان أو التيارات السلفية. ليس شرطاً أن تكون نخبوياً لكي تؤثر، لكن يمكن للإنسان العادي سواء كان فناناً أو إعلامياً أن يؤثر وبقوة على المشاهد ولكن من خلال الإفادة من القراءة للنخبة. هناك مسافة بين النخبة والرجل العادي يسد ثغرتها الشارح لتلك الآراء. أجزم أن تأثير باسم يوسف على المشاهد المصري أو العربي أكثر من عشرات الخطابات والمقالات. ذلك أنه يقوم بدور نقدي وساخر في نفس الوقت. بعض الجمل لديه تختصر المقالات. في الحلقة السابعة من برنامجه بدأ الحلقة بتنبؤه بإمكانية إغلاق الإخوان لكل منافذ الترفيه التي سعد بها الإنسان المصري في ليلة رأس السنة. وهذه التحذيرات أو الإشارات تعطي البرنامج قوة وتبين أن النخبة لا يستطيعون معالجة كل شيء. ملايين المشاهدين لهذا البرنامج الساخر الذي ينتظره الناس، البعض راهن على ضعفه بعد أن بدا قوياً في الحلقات الأولى غير أنه الآن وصل إلى الحلقة السابعة ولا يزال متماسكاً وتزداد هوية البرنامج رسوخاً ووضوحاً وهذا ما يعطيه إمكانية الاستمرارية إن نجاه الله من بطش الكائدين الذين يتمنون أن يوقف البرنامج وما البلاغات في النيابة ضد باسم وبرنامجه إلا مؤشر واضح على الإزعاج الذي سببه لهم سواء للرئيس مرسي أو لمناصريه أو لكوادر الإخوان ولمرشدهم. بآخر السطر، فإن الإبداع في الأفكار أمر مهم، والسخرية قد تقول ما لا تقوله الجدية، بل السخرية أعلى أساليب النقد وأقواها وأكثر رسوخاً في الذاكرة. والمرحلة التي نمر بها غير مفهومة وغامضة ومرحلة اضطرابات وأحزان لا يمكن أن نواجهها إلا بالمزيد من السخرية حتى وإن كانت سخرية مرّة.