تقرير نشر بهذه الصحيفة خلال الأيام الماضية، وهو يتحدث عن الودائع التي تحت الطلب "غير المكلفة" وأيضاً عن الودائع "الزمنية والأدخارية" أي المكلفة، وهي تفصيلاً 709 و325 مليار ريال على التوالي. وهذا يعطي رقماً إجمالياً يقارب 1,034 مليار ريال. وهذا الرقم يشكل مبلغاً كبيراً في مقدار السيولة المتوفرة بالسوق والاقتصاد المحلي، ونعتقد أن وفرة السيولة بهذا المقدار وهي تزيد سنوياً مع ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي وأيضاً النمو الاقتصادي، ليست إيجابية بمقدار عالٍ، حيث أن السيولة حين لا تستثمر تعتبر مشكلة عدم القدرة على الاستثمار، ولعل الأهم هنا هل تعتبر السيولة الموجودة الآن هي مؤثر لصعوبة قنوات الاستثمار لدينا؟ أو ضعف مصادر توليد رأس مال جديد؟ والأهم هنا ما هو دور البنوك في هذا المسار بما يخص المال والثروة الموجودة، فهل البنوك تعرف كيف لها أن تستثمر هذه السيولة العالية من خلال إيجاد مصدر استثماري لعملائها وأيضاً خلق فرص استثمارية في الاقتصاد الوطني. أعتقد من الأهمية استثمار هذه السيولة العالية في الاقتصاد الوطني، وهذا سيعتمد على عدة مسارات، أولها إيجاد منافسة بين البنوك حتى لا تتكدس السيولة لديها بهذه النمطية العالية، وأيضاً أهمية وجود بنوك استثمارية أكثر تنافسية من البنوك التقليدية، وأيضاً إعادة النظر في استثمارات البنوك من حيث الائتمان والذي تمارس من خلاله البنوك حقها المشروع بالاشتراط الحافظ لأموال المودعين والمستثمرين وأموالها، ولكن أيضاً يجب أن يكون هناك مرونة أعلى وصياغة أكبر للتمويل، فلا يكون نمطياً بتحويل راتب أو ضمانات تفوق الائتمان ب 200% أو نحو ذلك، فهذا لا يدفع التنمية بصورة كافية، بل يجب أن يكون هناك وسائل أوسع وأفضل في التمويل البنكي للعملاء، والأهم هنا الخروج من نمطية البنوك التقليدية التي وضعت البنوك في زاوية البحث عن الأمان 100% تقريباً من خلال التركيز على الأفراد، وهذا لن يكون كافيا للبنك أو الاقتصاد الوطني على اي حال. بيئة التنافسية هي الحد الفاصل في التطوير والتغير والحراك في العمل المالي والتجاري والبنوك أصبحت ضامنة لهؤلاء العملاء ونمطية حساباتهم، ورغم أن الودائع غير المكلفة تشكل نسبة عالية جداً من مجمل الودائع بما يفوق 70%، فكأن البنوك تحصل على مال مجاناً وتقرض من جديد بفوائد لا تقل عن 5% بالمتوسط، وهذا نادر الحدوث في أي مكان في هذا العالم كأن البنوك اكتفت بهذا النمط وهذا غير صحيح، ولعل غياب المنافسة هو سبب رئيسي ويجب أن تستثمر هذه السيولة في الاقتصاد وضخ نسبة منه، فليس كل العبء يقف على الحكومة فقط.