يقول رئيس كوريا الجنوبية السابق كيم داي جونغ في العام 2000 «دون إصلاح ثوري للتعليم لايمكن لكوريا أن تصنع مجتمعا قائما على المعرفة، وبدون مجتمع قائم على المعرفة ليس لدينا أمل في مستقبل مشرق في الألفية الجديدة» أنفقت كوريا الجنوبية في سبيل تعزيز ترسانتها البشرية على عدد من المشاريع العملاقة كان من أهمها مشروع العقل الكوري 21 والذي تم فيه استثمار ما قيمته مليار وثمان مائة مليون دولار خلال السنوات من العام 1995 وحتى 2005 كمرحلة أولى ومن عام 2006 وحتى 2012 م كمرحلة ثانية، وهدف المشروع إلى تحويل اقتصاد كوريا الجنوبية من اقتصاد مبني على تحويل المواد الى اقتصاد المعرفة ما يتطلب قدرات بحثية وإبداعية عالية. استند مشروع العقل الكوري 21 على 3 معطيات رئيسية تمثل الأول في تحويل بعض كليات الدراسات العليا إلى جامعات رائدة عالمياً، وبينما الثاني في تحويل بعض الجامعات إلى جامعات إقليمية تخدم احتياجات الصناعة المحلية وأخيراً في دعم الأبحاث في تخصصات محددة، وتمكنوا بموجب المشروع من تقديم مساعدات مالية مباشرة لأكثر من 20 ألف موهوب من الذين سيقودون المجتمع الكوري في المستقبل بحسب رؤية المشروع. يبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية 49 مليون نسمة ويحتوي قطاع التعليم العالي على 419 مؤسسة و159 كلية تقنية إضافة إلى 17 كلية متعددة التقينات و137 جامعة إضافة إلى 11 جامعة للمعلمين.. كل تلك المؤسسات تشكل رافداً لأكثر من 3.5 ملايين طالب في مختلف التخصصات مع أن التركيز كان على الهندسة والتصنيع وكانت أعلى من ذات النسبة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. إن نجاح الأمم في تعزيز قدرات أجيالها الإبداعية يتمثل في قدرتها على الإنفاق على الابحاث والتطوير وعلى رعايتها مواهبها وقياس أثر الإنفاق في مختلف المجالات ففي الحالة الكورية تمثلت النتيجة في أن تكون كوريا الجنوبية رابع دولة في العالم في براءات الاختراع في العام 2006 بعد الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا، وحققت المرتبة الثالثة في العالم من حيث مخصصات الابحاث والتطوير مقارنة بنسبة الدخل الوطني في العام 2004، كما أنفقت ما يعادل 45 مليار دولار في العام 2011م على الأبحاث والتطوير لتتقلد المركز السادس في العالم، وكان نصيب القطاع الخاص في تمويل الأبحاث والتطوير الأبرز مشكلاً ما نسبته 73.7% من إجمالي تمويل الأبحاث.. ونماذج استثمار القطاع الخاص في الأبحاث والتطوير كانت واضحة في نجاح الشركات الكورية في غزو العالم ومنافسة الشركات العابرة للقارات ومن أبرز أمثلة الشركات الكورية شركة سامسونج والتي استثمرت ما يقارب من 4.6 مليارات دولار في الأبحاث والتطوير. حققت مشاريع استثمار كوريا الجنوبية في الإنسان نموا ما مقداره 8% لعقود من الزمن ومكنتها في أن تكون سابع دولة مصدرة في العالم في مجالات محددة.. كل ذلك كان نتيجة الاستثمار المقنن في مجالات تشكل فرصا تنافسية للدولة، وكل ذلك يحتم إطلاق مشروع مشابه للعقل الكوري مع قياس العائد وتحديد قطاعات اقتصادية ناشئة أو استحداثها كقطاع الاقتصاد الثقافي وغيره في سبيل توفير فرص عمل للأجيال وتقليل الاعتماد على النفط كمورد رئيس، فماذا أنتم فاعلون؟